يشتري الاردني "دفء" بيته في "قنينة" ببسي كولا وفي الطريق يعرِّج على "البسطة" علّ فيها خضروات اسعارها في المقدور. أما الدجاج فمن غير المستساغ التفكير بالتفاتة نحو "نتافة" ستنتف ما تبقى من ريشه.




بعد هذه الجولة المثقلة بالاوجاع يعود الاردني بأساه محملا بخيبة تقذفه بها نظرات صغار اعتادت اجسادهم البرد، فلا يهم إن أضحى شراء تنكة الكاز أو الديزل حلماً، بعد أن اجتازت الأنفس المعذبة فصولا من امتحان الجوع والبرد وعسر الحياة فغدت مضرب مثل في الامتثال و"الانتماء".

ثنائية الجوع والبرد لا ينتظمها نسَقٌ تقليديّ. ولن يستطيع عتاة المحللين تصنفيها سوى متوالية معاناة ممتدة بين الأسى والأسى، وكل ذلك بفعل الامتثال.

الناظم الوحيد لموسوعة الامتثال مرتبط ببنية اجتماعية سيكولوجية شهدت على مر العقود ازاحات صنعها القسر والانقياد والتخريب الممنهج الذي جنح منذ البداية نحو الغلو والمكابرة ليوهم بأن تغيير الحال من المحال.
الاردني كائن متصالح مع الوجود، والمتصالحون مع وجودهم سعداءُ في تبرير اوجاعهم .

ثمة وثن رمزي لمنظومة من القيم المفتعلة (إن جازت التسمية) او الوهمية والزائفة التي اصبح الاردني بفعل سطوتها منكشفا امام تشبثه بتبريراته السطحية التي أخذ شيئا فشيئا يلامس وهميتها وخواءها المفضيين لا محالة الى هستيريا هروب وفصام يطاردانه كتمظهر لمحنة ابدية.

في هذا الخضم أمضى إميل زولا حياته وهو يردد شعاره العابر للاجيال "إني أدين".

وفي شعاره الخالد كان الروائي الفرنسي العظيم يكثف دور المثقف في مواجهة التغول على الناس المعدمين.
muleih@hotmail.com