"ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون"
د.زكريا محمد الشيخ
13-02-2008 02:00 AM
عجيب أمر أعداء الدين!! لم يكفهم ما أحدثوه من دمار وقتل وتشريد وإرهاب بحق أمتنا، ولكنهم ماضون وعازمون على ملاحقة كل مظاهر ديننا الحنيف وأتباعه وطمس هويتنا وقيمنا وحتى أسمائنا، إن تمكنوا من ذلك.. ولن يقدروا بإذنه تعالى.لن أتطرق إلى الحروب العسكرية الفتاكة المشتعلة في عالمنا الإسلامي على أيديهم، لأن مداد أقلامنا يكاد أن ينفذ لكثرة ما كتبنا عن إرهابهم، إلا أن ما يلفت الانتباه تلك الهجمة "المسعورة الحمقاء" من زعيم حزب الحرية اليمني المتطرف في هولندا "غريت وايلدرز" ومطالبته بنزع "النقاب" عن وجوه 150 مسلمة هولندية منقبة من أصل 16 مليون نسمة، هو عدد السكان الإجمالي في بلاده، من خلال سن تشريع يمنع بموجبه تغطية الوجه في الأماكن العامة والطرقات والمؤسسات الخاصة والدوائر الحكومية والجامعات والمدارس وذلك في استهداف مباشر للمنقبات.
أما في بريطانيا، فأن يطالب كبير أساقفة كانتربري روان وليامز بمنح المسلمين بعضا من حقوقهم المدنية وتطبيق جزء من أحكام الشرعية الإسلامية، فهذا بالنسبة لهؤلاء "المسعورين" خوفا من الإسلام: كفر بواح يقتضي إقالته فورا، علما بأن يهود بريطانيا يتمتعون بحقوقهم الدينية ومحاكمهم الخاصة، فاليهود يحق لهم..أما المسلمون فمطالبتهم تعني تشجيعا لـ "الإرهاب".
تركيا المسلمة وحكومة أردوغان تمكنت ومن خلال المؤسسات الدستورية من الانتصار للحجاب، هذا ما أفرزته الديمقراطية، إلا أنها بالنسبة لعلمانيي أتاتورك، خروج عن مبادئ البلاد، فدقوا "ناقوس" الخطر من الإسلام ومظاهره.
إذن هي بحق: "حرب شاملة لا هوادة فيها على الإسلام وكافة مظاهره"..هي بالنسبة للغرب قضايا مركزية وخطر حقيقي لا بد من مواجهته.. حتى وإن لم يتجاوز عدد المنقبات المائة وخمسين امرأة في هولندا من أصل 16 مليونا.. حتى وإن برر الأسقف وليامز موقفه بأن ذلك ضمن حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية.. حتى وإن سمح للحجاب في تركيا عبر القنوات الدستورية.. كل هذا لا يهم.. حقوق الإنسان لا تهم، الديمقراطية لا تهم، والنسبة العددية قضية هامشية.. المهم هو وأد مظاهر الإسلام في مهدها.. فالإسلام بالنسبة لهم هو "العدو".
أين حوار الأديان والتعايش بين الحضارات والأمم ومبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الشخصية التي ينادي بها الغرب؟.. أم أن كل ذلك لا يعدوا كونه شعارات رنانة مفرغة من المضمون والجوهر ولا تستخدم إلا للنيل من أمتنا!!
أين منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي وحقوق المرأة التي تملأ بصوتها أثير الكون ضجيجا حينما يتعلق الأمر بالمرأة المسلمة في بلاد الإسلام مطالبين بتحرر المرأة ومنحها حريتها المطلقة ومساواتها بالرجل في كافة الجوانب.. أين كل هذه المنظمات اليوم من حقوق هؤلاء النسوة اللواتي قررن أن يرتدين النقاب أو الحجاب؟.. أليس من حقهن أن يملكن قرارهن في هذه القضية بالحد الأدنى.
هل يحق للبعض أن يتساءل عن مسيحيي الشرق والذين يتمتعون بكافة حقوقهم المدنية والدينية والتي تضمن لهم حق العبادة وممارسة كافة شؤون حياتهم في أوطاننا العربية والإسلامية دون قيود أو تضييق.. أين هم؟ لكي يصدروا بيانا ـ كأضعف الإيمان - ويرفعوا أصواتهم في مخاطبة الدول الغربية لكي يعاملوا أتباع الديانات السماوية الأخرى بالمثل ويطالبوا بحرية المرأة المسلمة لنيل حقها في تغطية رأسها أو وجهها بذات الطريقة التي تتمتع فيها المرأة المسيحية بحقها في الدول العربية والإسلامية.. أين دولنا العربية كذلك من كل هذا؟.. لماذا الجميع غائب رازح في سبات مميت؟
الغرب ينعت دولنا العربية بالرجعية وانتهاكها حقوق الإنسان وحقوق المرأة إلا أن المفارقة أن دولنا العربية هي ذاتها التي منحت كافة أتباع الديانات السماوية وغيرها حرية العبادة بل وتفوقت على الدول الغربية التي تتغنى بالديمقراطية في هذا الجانب.. فمن هو الرجعي أذن والمنتهك لحقوق البشرية؟ هل هي دولنا العربية أم الدول الغربية؟
تلك الدول الغربية التي تدافع عن حقوق الشواذ الجنسيين وتسمح لهم بالزواج وممارسة شذوذهم هي ذاتها التي أطلقت العنان للجميع بممارسة حقوقهم الشخصية وحرية الملبس، حتى أن العراة أصبح لهم حقوق.. فلماذا لا تمنح الأقليات المسلمة في الغرب حقوقها ويسمح للمرأة المسلمة اختيار زيها بحرية، ففي الوقت الذي يطالب فيه الغرب بـ "الحرية الإباحية" يأتي ليقمع المرأة المسلمة في أبسط حقوقها وهو حق الحجاب والنقاب.. يا لها من شريعة غاب!!
النتيجة والمحصلة.. "أن القضية لا علاقة لها بالحريات أو حقوق البشرية إنما هي حرب حقيقية شاملة منظمة ضد ديننا.. "يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون".
...............................................................................
د.زكريا محمد الشيخ رئيس مجلس إدارة الحقيقة الدولية