بانتظار صدور تأكيدات من قبل الدكتور أيمن الظواهري لبيان تنظيم القاعدة الذي يتبرأ فيه من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بقيادة أبو بكر البغدادي، تبقى الامور مجرد تكهنات، ومن الناحية النظرية فان هذا البيان "لو صح" فانه يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لتعديل المسار المجنون الذي وضع تنظيم القاعدة في مواجهة الامة، بدل ان يكون في مواجهة الاعداء، مما يحتم على "اجراء مراجعات"، والاعتذار عن الاخطاء والخطايا التي وقع فيها.
لا اريد الذهاب بعيدا في التحليل الا بعد ان يصدر تسجيلا صوتيا من قبل الدكتور ايمن الظواهري يعلن فيه براءته من تنظيم الدولة الاسلامية المعروف باسم "داعش" و افعاله وجرائمه، وبدون صدور مثل هذا التسجيل فان المواقف تبقى عائمة، اذ لا يكفي القول ان "داعش" لا ينتمي للقاعدة، بل لا بد من نبذه بشكل كامل، وهذا ما لم يشر اليه البيان الصادر عما يسمى "القيادة العامة لتنظيم القاعدة" الذي جاء فيه: "تعلن جماعة قاعدة الجهاد انها لا صلة لها بجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام، فلم تخطر بإنشائها، ولم تستأمر فيها ولم تستشر، ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها.. وانها ليست فرعا من جماعة قاعدة الجهاد، ولا تربطها بها علاقة تنظيمية، وليست مسؤولة عن تصرفاتها". وهي صيغة حمالة اوجه.
هذه البراءة الاولية والنأي بالقاعدة عن "داعش لا تكفي ، فلا بد من تجريم هذا التنظيم، ومطالبة جميع المنتمين اليه بالابتعاد عنه، كما فعل ابو قتادة من سجنه الاردني، فمجرد التعبير عن عدم الرضى مع اعتباره مقبولا من حيث المبدأ يعني استمراره بتضليل الشباب والزج به في نار الفتن وازهاق ارواحهم مجانا وحرف البوصلة عن مساره، فتنظيم "داعش" تسبب بازهاق ارواح اكثر من 1170 من المجاهدين والثوار في سوريا، وقام بعمليات انتحارية ضد الثوار، ووجد تحت احد مقراته مقبرة جماعية، وقتل قادة اثخنوا نظام الأسد الارهابي بالجراح، وهناك تقارير تتحدث عن استهدافهم لتركيا، ولقد سبق ان كتبت كثيرا حول هذا التنظيم وحذرت منه قبل شهور وللتذكير اعيد الاشارة إلى بعض ما نشرته بهذا الخصوص من مقالات:
طحن الإسلاميين والثورة في سوريا
24 أيلول- سبتمبر 2013
اختفاء ما يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من المشهد العراقي كليا بات ضروريا ومهما، لأن هذا التنظيم لا يتمتع بأي شرعية دينية أو جهادية، وهو يقاتل لحسابه الخاص فقط، لأنه يقاتل ضمن أي إطار تنظيمي له وجود اعتباري.
تنظيم "دولة البغدادي" في سوريا يفتح الباب أمام الكثير من الشرور، فهو يعطل وحدة العمل الثوري بين الكتائب الإسلامية المختلفة ويفتح الباب أمام أعداء الثورة السورية الداخل والخارج للفتك بها بحجة وجود "متطرفين"،
القاعدة تتمزق
10 تشرين2 - نوفمبر 2013
تنظيم "داعش" تحول إلى كيان غير شرعي من وجهة نظر تنظيم القاعدة بزعامة الظواهري، ومجموعة خارجة على القيادة وتحولها إلى "مجموعة متمردة" لا يعرف ما هي أهدافها ومن يديرها فعلا، وما مدى الاختراق الأمني في هذا التنظيم المتمرد.
وربما تكون الخطوة المقبلة طلب الظواهري من كل فروع القاعدة المفترضة في العالم إلى اصدار بيانات ترفع الشرعية عن "داعش" وتخرجها من الجسم التنظيمي للقاعدة إذا رفض البغدادي الامتثال لقرارات "الزعيم".
الجحيم أرحم من "جنة" داعش
09 كانون2 - يناير 2014
ما يعرف إعلاميا "داعش" ليس أكثر من تنظيم مارق يمزق الأمة العربية والإسلامية ويشوه صورة الإسلام ويخرب الدنيا والدين، يجب محاربته وإخراجه من حياتنا ووضع حد له.
هذا الواقع يحتم ضرورة تدخل الدكتور أيمن الظواهري لحل تنظيم "داعش" في العراق وسوريا بشكل حاسم ونهائي فهذا التنظيم المارق خرج من رحم القاعدة.. والتبرؤ منه وإدانته واعتباره عدوا لا صلة لها بالإسلام ستكون خطوة معنوية كبيرة في دفع الشباب إلى مغادرة هذا التنظيم المارق، أو على الأقل إقناعهم بعدم الانضمام إليه، وعلى الظواهري أن يعلم أن كل قطرة دم تريقها "داعش" معلقة بعنقه وسيسأل عنها أمام الله تعإلى.
الظواهري يعلن نهاية عصر القاعدة
12 يناير كانون2 2014
سواء كان هذا الجناح أو ذاك يحظى بالشرعية أم لا، تبدو الحاجة ملحة لإعلان حل هذا التنظيم قبل أن يستفحل أمره في الخراب.. فانشقاق "داعش" عن القاعدة قطع "الشعرة الأيديولوجية" التي كانت تربط بينهما.. فهذا التنظيم الإيديولوجي الشمولي الذي يرفع شعارات "أصولية تطهرية" خطر فكري وعقائدي وديني، ولا بد أن يتخلص منه الإسلاميون قبل غيرهم، لأنه لا ينفث إلا السم الزعاف في أوصال الأمة، ولا بد للعلماء المسلمين والحركيين والإسلاميين والنشطاء أن يتبرأوا من داعش وأعمالها، وأن يعملوا على توعية الشباب بخطر الانضمام لهذه العصابة المارقة.
وحتى يحسم الظواهري الامر، فان صدور ادانات لهذا التنظيم من القيادات الجهادية مثل ابو محمد المقدسي وابو قتادة وعدد كبير من العلماء والهيئات الشرعية المؤيدة للقاعدة، تبدو الحاجة ماسة لخطوات عملية ضد "داعش" مثل محاصرة هذا "التنظيم الغامض" واعلان ان البغدادي لا تربطه بالقاعدة أي صلة، والتحالف مع الجيش السوري الحر لإخراجه من سوريا بكل الوسائل، فهذه الخطوات تعد شروطا اساسية للتصالح مع الامة العربية والاسلامية ومع السوريين والعراقيين بشكل خاص.