توافقات حول قانون الانتخابات
د.رحيل الغرايبة
03-02-2014 02:43 AM
في الندوة الحوارية المنعقدة حول قانون الانتخاب في مركز دراسات زمزم، التي أدارها الفريق السياسي في المبادرة الأردنية للبناء، وحضرها طيف واسع من الشخصيات الوطنية من مختلف التوجهات السياسية والفكرية أسفرت عن مجموعة من التوافقات التي تصلح أن تشكل مدخلاً لحوارات وطنية واسعة، تؤدي إلى إنضاج قانون انتخابي جيد، يحظى بقاعدة شعبية كبيرة، ويعالج جملة من الاختلالات الخطيرة التي أثرت على المشهد السياسي المحلي بإجمال، وأثارت عاصفة من الجدل المجتمعي الطويل والمستمر، باعتبار أن قانون الانتخابات يمثل أولوية متقدمة على الأولويات الأخرى على صعيد الإصلاح الوطني الشامل.
الأمر الأول يتعلق يمهمة بناء الثقة بالمؤسسة التشريعيّة، التي تعرضت للضعف والتهشيم عبر الدورات السابقة، وأصبح المجلس محلاً للتهكم والسخرية الشعبية، حيث أنه فقد هيبته المطلوبة، التي تعتبر ضرورة من ضرورات الدولة واستقرار المجتمع، وربما يعد هذا من أكثر الأخطار التي تستحق العلاج والمواجهة، من جميع الأطراف بلا استثناء، مهما بلغت درجة الإختلاف والتباين في المواقف السياسية إزاء بعض القضايا الوطنية الكبيرة والصغيرة وهذا يحتاج جملة من السياسات والإجراءات بالإضافة إلى انجاز قانون الانتخابات .
الأمر الثاني يتعلق بفلسفة القانون الجوهرية، التي ينبغي أن تكون محلاً للإجماع، فالهدف الحقيقي الأكبر لقانون الإنتخابات يتمثل بإفراز مجلس نيابي يمثل المجتمع الأردني تمثيلاً صحيحاً، ويعبر عن آراء الشعب الأردني إزاء أهم القضايا التي تمس حاضره وتصنع مستقبله وتحفظ قوته وتصون وطنه، بعيداً عن المكاسب الحزبية والفئوية والشخصية وبعيداً عن التجاذبات والإختلافات السياسية، كما أن من أهداف القانون الأخرى الإسهام في تنمية الحياة السياسية والإرتفاع بمستوى الأحزاب وأدائها، لتكون قادرة على التعبير عن آمال المواطنين وطموحاتهم ومصالحهم العامة من خلال انخراطها في الحياة السياسية بشمول وإفساح المجال لها للمنافسة في مجال التطبيق العملي الميداني المنظور.
الأمر الثالث يتعلق بضرورة إيجاد حالة من التوافق الوطني، عبر حوارات موسعة، تشترك فيها كل الأطياف السياسية والإجتماعية وكل الأطراف الرسمية والشعبية على جملة من الثوابت الوطنية التي تحفظ الدولة والمجتمع، وتعزز حالة الاستقرار والأمن بطريقة سلمية متدرجة، وعلى أسس علمية صحيحة، من أجل تطوير الحياة السياسية دون عنف وفوضى، ودون انقسام وشرذمة.
وفي هذا السياق لا بد من البناء على قاعدة الحوارات الوطنية السابقة التي تم انجازها في الفترة السابقة، وعدم ضياع الجهود المبذولة في هذا السياق، وهذا لا يعني عدم إخضاعها للتقويم والتطوير والتحسين، وإعادة النظر في الإجراءات وطريقة الاختيار والتشكيل، واستكمال النواقص والملاحظات التي تم ابداؤها في ذلك الوقت من أهل الخبرة والاختصاص.
الأمر الرابع الذي كان محلاً للتوافق بين أغلبية المتحدثين، الذي وصل إلى حد الإجماع، هو الميل إلى توسيع الدوائر، من أجل الإسهام في إفراز شخصيات وطنية عامة تحظى بالمكانة العامة والسمعة الطيبة على مستوى واسع من شرائح الشعب الأردني، ومعالجة مسألة الولاءات الجهوية والفئوية الضيقة التي تسهم بتمزيق المجتمع وتنتج جملة من الأضرار الكبيرة على مستوى الدولة ومستقبلها السياسي واستقرارها المجتمعي.
وفي هذا السياق يمكن الجمع بين مبدأ توسيع الدائرة، وعدم إهمال حصة الألوية والمناطق البعيدة والمهمّشة، بحيث يمكن تخصيص مقاعد لها على مستوى المحافظة من خلال اختيار أعلى الأصوات، وهناك رأي كان باعتماد دوائر أوسع على مستوى الأقاليم، فكرة الأقاليم تستحق النظر والدراسة، بحيث يتم تقسيم المملكة إلى ثلاث أقاليم: الشمال، والوسط ، والجنوب، بحيث يتم الجمع بين عدة معايير انتخابية، تجمع بين معيار التنمية والتطوير لمناطق الريف والبادية ورفع مستوى مشاركتها في إدارة الدولة، دون إهمال للمعايير السكانية، وتعالج الهواجس التي تضرب وحدة المجتمع وتهدد مستقبلة، عبر نظرة سياسية حكيمة تراعي ظروف الأردن وموقعه الجغرافي، في ظل الظروف السياسية القادمة، والمرحلة التاريخية الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية ومحاولات تصفيتها .
(الدستور)