بعيدا عن مصطلحات الاصول والمنابت وبعيدا عن التأصيل في علم الأنساب , فإن اللحظة الراهنة تتطلب ان نكون جميعا فلسطينيين من أصل أردني , فهذا شعار جامع وموحِد لكل مكونات الشعب الأردني : شراكسة وشيشان وأكرادا وعرب شرقيين وغربيين وباقي تفاصيل الموزييك الوطني الاردني .
فالطاولة الكونية زاخرة بالأوراق المكتوبة بكل لغات الأرض باستثناء اللغة العربية رغم وجود عرب على الطاولة سواء بشكل أصيل او اكسسواري , وحسب رأي الاستاذ خيري منصور « هناك اعادة تمديد او تجديد لعطاء سايكس بيكو الذي شارف على الانتهاء « فكل المشاريع الكولنيالية الاستعمارية عمرها 99 عاما منذ امتياز قناة السويس وانتهاءً بالثنائي الاشهر على موائد تقسيم الغنائم الدولية .
عطاء سايكس بيكو ينتهي حسب الروزنامة الاستعمارية في العام 2015 , واعتدنا من مختبرات الاستعمار استباق الاحداث وتوفير اجواء مواتية لمخططاتهم كما كان السيناريو لقناة السويس التي طرح الفرنسيون عطاء توسعتها وتحديثها قبيل اعوام ثمانية من انتهاء عقد الامتياز , واستبق الزعيم جمال عبد الناصر اللحظة او الضربة – لا فرق – واعلن تأميم قناة السويس , فجاء العدوان الثلاثي على مصر التي توحدت خلف استرداد هيبتها وسيادتها ونجحت مصر المحروسة ونجح عبد الناصر في تخليد ذكراه .
خرائط العالم الجديد كلها تُشير الى اعادة ترسيم العالم العربي على وجه الحصر , ولربما جاء الربيع العربي ليحقق ترسيم هذه الخرائط بأيادٍ عربية , حتى لا تجد الاجيال القادمة من تلعنه من الغرب واسرائيل , ويُصدر العرب شهادة براءة للثنائي سايكس وبيكو , فنحن بأصل تكويننا حسب مراكز الابحاث الغربية , متفسخون وقبليون ولم تستقر في اعماقنا مفهوم الدولة الحديثة وكل ما استقر هو الدولة التسلطيّة الممسوكة لا المُتماسكة , وقد اثبت الربيع العربي عودة العربان الى غرائزيتهم وامتنانهم لمرحلة الغزو والسلب القَبَلية , وها نحن نرى القبائل السياسية والمذهبية والدينية تستثمر انهيار الدولة في ليبيا ومصر والسودان وسوريا والعراق لتحقيق مفهوم الحِمى القَبَلي .
الآن المنطقة برمتها – باستثناء اسرائيل – موضوعة في الخلاط الدولي , وهذا الخلاط يشابه خلاط العصائر في منازلنا ومكونات الخليط « انقسام , تشرذم , تفكك , غياب الدولة المركزية , فتنة مذهبية وطائفية واقليمية « فكيف سيكون الناتج حلو المذاق او مُستساغ الطعم , بل سيكون الناتج عن مكونات الخلط هلاميا رخوا بلا طعم او لون وتفوح منه روائح كثيرة لا اظنها تحمل ريح المسكاو شبهته حتى , وكل من يحاول ان يُبشرنّا بغير ذلك ليس واهما على اي حال بل اخطر , فعندما تضع قطعة من ملح لن يجعلها الخلاط بطعم السكر مهما كان نوع الخلاط وسرعته وفصيلته .
في الجيل الأول من مرحلة سايكس بيكو كانت المنطقة خارجة لتوها من الاستعمار العُصملّي وكان الغرب يبشرنا بالدولة الحديثة والدساتير والاحزاب والادارة الحصيفة ورغم ذلك سطت الانقلابات العسكرية المدعومة من الغرب على المشهد فأورثتنا التخلف والفرقة وغياب التنمية وضعف المعرفة اضافة الى تخليق كائنات هلامية في دواخلنا قابلة للتمدد السلبي .
فظهر الجيل الثاني من سايكس بيكو بظروف هجينة او هايبرد , يسير بقوة الدفع الذاتي نحو الهاوية بطاقة غربية لتسريع الوصول الى الهاوية , وبما اننا في مركز الجيل الاول من سايكس بيكو فنحن اول من ستظهر عليه اعراض الهايبرد , فالهويات الفرعية هي السائدة والتنمية غائبة والمديونية تتعاظم , ولا بديل من حلول وحدوية لمواجهة القسمة والتقسيم ولأن بيت القصيد طمس الهوية الفلسطينية وتحويلها الى هوية هجينة او هايبرد اي ان يصبح الفلسطيني من اصول مُتعددة يجب التصدي بأن نكون جميعا فلسطينيين من اصل فلسطيني وحتى الأردني يجب ان يكون في هذه اللحظة وهذا الظرف من اصل فلسطيني حتى نتصدى لأي حل في هذه الظروف الرخوة التي لن تُثمر عن حلول تحقق أدنى طموحات الشعب العربي الفلسطيني أو الشعب العربي الأردني .
omarkallab@yahoo.com
الدستور