هل يعقد الأردنيون مؤتمرهم الوطني الثاني ؟!
د.عبدالله القضاة
02-02-2014 03:18 AM
حدثان مهمان شهدتهما الدولة الأردنية ؛ مع مطلع العام 2014، الأول : وقد يكون الأهم ؛ المؤتمر العشائري الأول الذي عقد في محافظة عجلون بمشاركة أكثر من 100 شخصية من محافظات المملكة المختلفة لتدارس اثار اللجوء السوري على الاردن وانعكاساته المختلفة على الدولة الأردنية ، أما الثاني ؛ فهو الملتقى الشعبي لحماية الأردن وفلسطين، والذي عقد بعمان وحضره ما يربو على 500 شخصية بدعوة من القوى الوطنية والحزبية والشبابية والعشائرية ، ردا على مشروع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وبالنسبة للأول : فهو يمثل القيادات والزعامات الوطنية غير المحسوبة على المعارضة الوطنية التقليدية ، حيث كبار قيادات الجيش العربي القدامى الذين قدموا الغالي والنفيس من اجل الوطن ومنعته ووجها وشيوخ العشائر الأردنية الذين كانوا على الدوام الرديف القوي لأجهزة الدولة ومؤسساتها الرسمية.
أما الفريق الثاني ؛ فيغلب عليه الطابع السياسي الحزبي ؛ حيث القيادات الوطنية الحزبية والنقابية والشعبية بهدف رفض ما أطلق عليه "مؤامرة كيري الخبيثة ، وهذا الفريق يمثل المعارضة الوطنية بمختلف أصنافها.
والسؤال : هل يشكل هذان الحدثان حالة إستراتيجية جديدة في المشهد السياسي الأردني ؟! ، وهل تقف الموالاة والمعارضة في خندق واحد لإنقاذ البيت الأردني ؟! ، ثم ؛ هل يمكن لصانع القرار الأردني استثمار هذه الحالة للخروج بخيار وطني يمكن تسويقه بشكل قوي لدى المحافل العربية والدولية لتعزيز الموقف التفاوضي للمملكة بما يضمن حماية الدولة الأردنية مما يحاك لها في السر والعلن ؟!.
من الطبيعي أن يختلف أهل البيت الواحد في امور تتعلق بشكل البيت وترتيب حجراته واختيار الوانه ومقتنياته ، وهذا الاختلاف قد يكون مطلبا للتحسين ، ولكن إذا تعرض البيت ذاته للخطر والزوال ، فمن الطبيعي أن يقف جميع سكانه في خندق واحد ويجمعهم هدف المحافظة عليه وحمايته !!! ، والأردن الدولة ، يتعرض لمخاطر استراتيجية عديدة لعل أبرزها تداعيات الحرب السورية وما يرافقها من نزوح واقتلاع طوعي وقسري لإخواننا باتجاه اراضينا وما يشكل ذلك من خطر جسيم على أمننا الوطني وهويتنا الوطنية الأردنية ؛ مع إننا لسنا ضد هذا اللجوء من الناحية الإنسانية ؛ غير أن إمكانياتنا المادية واللوجستية والتنظيمية لا تمكننا من الاستجابة لمتطلباته في ظل تدني الدعم العربي والدولي لجهود اجهزة الدولة ومؤسساتها التي استنزفت بشكل قل نظيره !!!.
أما الخطر الآخر الذي تتعرض له الدولة ، فيتمثل بمشروع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتهديد الهوية الأردنية ، وهناك حديث عن مفاوضات سرية تستهدف "إخراج الأردن من المولد بلا حمص " ، فالدولة الأردنية تحملت الكثير جراء القضية الفلسطينية ، التي هي قضيتها المركزية ، ووقفت الى جانب الشعب العربي الفلسطيني في كافة مراحل نضاله المشروع ؛ ولم تتخلى يوما عن دعم اللاجئين او النازحين ، والذين لهم حق العودة والتعويض ، ولايعقل أن يطلب بحرمان الدولة الأردنية من حقها في التعويض العادل ، وهذا الحق لاينكره إلا جاحدا ، ولا أعتقد أن اخواننا "سيرمون حجرا في البئر الذي ارتووا منه ".
وإجابة على تساؤلنا السابق ، وكون الدولة تتعرض لهذه الأخطار وغيرها ، فهذا يحتم على كافة أبنائها "معارضة وموالاة " الوقوف في خندق واحد "خندق الوطن " ، وهنا نطرح التساؤل التالي : هل هذه الحراكات الجزئية والفعاليات المتقطعة تؤتي اكلها في خدمة الوطن ؟! ، أم ان مأسستها واستدامتها هو مايمكث في الأرض ؟!.
في 25 تموز 1928 تداعى الاردنيون لمؤتمرهم الوطني الأول في مقهى حمدان في العاصمة الاردنية عمّان ، وما حظي به هذا المؤتمر ، والميثاق الوطني الصادر عنه ، بمكانة خاصة في ذاكرة الأردنيين السياسية ، يستحضرونها في كل منعطف أو أزمة سياسية ، كلما واجه الأردن تحدٍ جديد ، واليوم ؛ أعتقد أن الاردنيين جميعا بأمس الحاجة لعقد مؤتمرهم الثاني ليتوافقوا على ميثاق جديد يشكل خارطة طريق برؤية وطنية واضحة تنقذ مملكتهم مما يحاك لها .
وبقي التساؤل الأهم : هل يمكن أن يشكل المؤتمر الوطني فرصة لصاحب القرار ؟! ، والجواب نعم ، فالحكومة ستصبح معنية بالبحث عن خيارات أفضل لإدارة الملفات الوطنية ، ومنها استخدام الضغط الشعبي المنظم لوضع بعض الدول العربية عند مسؤولياتها الفعلية في تقديم الدعم الكافي لتمكين الدولة الأردنية من الاستجابة لاستحقاقات المرحلة ، والأهم من ذلك أن جلالة الملك ؛ سيوفر له هذا الحراك الوطني فرصة لتعزيز الموقف التفاوضي للمملكة في المحافل الدولية ، وبشكل خاص لقائه المنتظر مع الرئيس اوباما.