واقع الاتصال الجماهيري العربي في عصر الثورة الرقمية .. *أسامة الحطيبات
01-02-2014 03:18 AM
إن تشبث الإنسان منذ ولادته بنواميس الكون مداره الاتصال المعرفي أو الاتصال الثقافي، ولهذا الفضول سعى جاهدا ً لتشغيل مداركه وحواسه نحو البحث والتجريب، ونتيجة هذا وجد الإنسان المخترع أو المكتشف المبدع، لكن التساؤل المحير نصه " هل ثمة آليات دقيقة لعمليات التطبيق والتجريب لدى ممارسي الاتصال؟ وهل هنالك استيعاب لمنحنيات الإيجاب والسلب في توظيف تقنيات الاتصال واستخدامها؟.
إن كان التسليم من استخدام أدوات الاتصال لدى المتلقين، القيم الايجابية وسمو الثقافة الجماهيرية فلا ريب في ذلك، وإن كان العكس فذاك التخبط ، وانعدام التوازن، والقائم على مجرد ركوب الأهواء والموديلات في عصر الطريق السريع نحو المعرفة، وذهابا ً لالتماس هذا الواقع، اجتهد الباحثين في دراسات الإعلام والاتصال في المنطقة العربية، لأجل الوقوف على مظاهر استخدامها ودوافعها لدى المواطن العربي، و الاشباعات المتحققة منها، وقد كشفت دراسة الأستاذ الدكتور عصام سليمان الموسى، أستاذ الاتصال الجماهيري في جامعة اليرموك أن " الثورة الرقمية تضع الإعلام العربي على مفترق طرق ، وإن تطور الإعلام العربي مر بأربع مراحل هي" مرحلة السيطرة، ومرحلة الاحتواء، ومرحلة الإغراق والذهول، ومرحلة النظام الاتصالي الشبه ليبرالي".
وقد أشار الدكتور مالك الأحمد والأستاذ رأفت صلاح الدين في عام 2009، في " دراسة تحليلية لمتصفحي مواقع الانترنت العرب" ، والتي خلصت نتائجها " أن هناك ارتفاع لعدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية بصورة كبيرة، حسب إحصاءات أواخر عام 2009 بلغ عدد المتصفحين العرب أكثر من 55 مليون متصفح، أي نحو 17.3% من تعداد سكان الدول العربية، و2.9% من تعداد المستخدمين في العالم، هذا وقد أخذت المواقع الاستهلاكية ( الخدمات والدردشة والترفيه وغيرها .... ) نصيب الأسد من اهتمام المتصفح العربي بصفة عامة ، وكذلك من اهتمام المتصفحين في الدول محل الدراسة، وحجزت المواقع النسائية حيزا في اهتمام المتصفحين ، ولكنها من تلك المواقع التي تهتم بالأمور الحياتية الصرفة مثل (الملبس والمأكل و الزينة ) بعيدا عن الاهتمامات العامة أو ذات الشأن، كما أن المدونات حازت على الاهتمام، ولكنها يغلب عليها الطابع الشخصي بعيدا عن الجوانب الفكرية أو الدينية أو الاجتماعية أو السياسية "
لا جدال في أن العالم يعيش حالة الازدهار والتقدم، ومن واجب العالم العربي أن يواكبها ويمازجها، وأنه لا استغناء عن بعض مكتسباتها، لكن الكارثة تكمن في أن يكون الإعلام تلك الرصاصة التي تطلق شرارة الدمار والخراب في البلاد العربية، وهذا ما أحدثه " الربيع العربي" من أعاصير هدمت جسور الانجاز والتطور لديها، وكانت على يدي الشباب العربي، وبمعول الفيس بوك، وتويتر، والواتس اب، كيفا بنا اليوم نرى حالة التعليم والاقتصاد، في العالم العربي، أين حقوق الشعب العربي في العمل والتعليم والعيش الكريم، أين حقوق الأطفال والنساء، الإجابة عن هذه الأسئلة، يجدها المشاهد العربي بتحريك رموته على شاشات الفضائيات العربية، حيث يشاهد جثث القتلى، وأنات الجرحى، ويسمع بنسب البطالة والفقر والهجرة ونقص الأدوية المرتفعة جراء التغيير الذي أرادته بعض الشعوب العربية في زمن الربيع العربي، ولربما يتسأل مطالعي هذه الورقة، يا ترى هل حقق الاتصال الجماهيري العربي في عصر الربيع العربي مستقبل أفضل لجماهيره؟؟؟
وعليه من حسن طالع القائمين على السياسات الإعلامية في المنطقة العربية، وقطاعي الصحافة الحكومي والخاص، و أساتذة الإعلام والاتصال في الجامعات العربية، ترتيب البيت الداخلي للإعلام العربي، وذلك من خلال وضع خطط إنقاذ إعلامية بالاعتماد على ما عزته نظرية الفجوة المعرفية في المنطقة، وإعادة ترتيب الأولويات الإعلامية من جديد لما نحن بحاجة إليه من مواد إعلامية وتقنيات اتصالية، والحيلولة ما بين إعصار العولمة، والحد من الاستهلاك الثقافي الهابط دون المستوى المطلوب للجماهير العربية، كما تبرز أهمية إجراء دراسات إعلامية دقيقة لواقع الاتصال الجماهيري في المنطقة العربية، والاستفادة من نتائجها، بالإضافة إلى تفعيل تشريعات الإعلام الأمني على الصعيد المحلي والخارجي في الدول العربية، ومما سبق يصبح بناء الإعلام والاتصال الأمني العربي ضرورة ملحة ، والذي من دوره الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، ومن هنا يكون الإعلام ركيزة أمن، ووثيقة عهد جديد تجعل من واجبه مواجهة الأزمات والكوارث أي كان شكلها ونوعها.