قدر الأردن أن يكون متأثراً وأحياناً جزءاً منه بملفات وقضايا الجيران والأشقاء، ولهذا فإن ملفات الإقليم تتحول إلى قضايا أردنية داخلية نناقشها في مجالسنا ونختلف عليها بل وتؤثر في طعامنا وشرابنا وفرص عمل أبنائنا وحتى أجرة البيت.
اليوم أمامنا ستة شهور غائمة وربما أكثر ضبابية، وهذه الضبابية تترك آثارها على مواقفنا ومصالحنا، لكن ضبابية القضايا يجب أن لا تجعلنا من مرحلة الانتظار إلى مرحلة الإرباك.
فعلى صعيد الملف السوري فإن ما نشاهده في مؤتمر جنيف 2 يشير إلى أن ملف الأزمة مرشح للاستمرار دون حسم، وهناك أطراف فاعلة ما زالت تعمل على إزالة نظام بشار الأسد حتى بالوسائل العسكرية، وهناك من شارك في المؤتمر ( رفع عتب )، والجميع يعلم أن ميزان القوة في الميدان هو الحاسم، وأن القوة العسكرية الميدانية الأهم وهي تنظيمات القاعدة وأخواتها خارج حساباتها الحل السياسي والحكومة المؤقتة للمعارضة.
الأزمة السورية مرشحة للاستمرار بكل ما يعنيه هذا من تداعيات على الأردن، ومع الاستمرار لكل الأعباء الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية.
أما العراق جارنا وشريكنا في الحدود فالأزمة مركبة، لا نتحدث عن الشأن الداخلي العراقي، لكن عن منطقة حدودية عادت لتكون مكاناً للتوتر من جهة، وساحة عمل لتنظيم القاعدة.
أما الملف الفلسطيني والسلام واتفاق الإطار فهو حكاية أخرى، لأنه اليوم يثير قلقاً وتخوفات لدى الأردنيين على اختلاف مشاربهم وأهوائهم.
هنالك تسريبات، وهنالك مواعيد زمنية يتم طرحها لا تتجاوز الصيف القادم، وهناك تفاصيل لم يعلمها الناس، لكن الاتفاق لم يحصل، والخلاف كبير، ولا ندري إن كانت المصلحة في تسهيل الاتفاق أم إعاقته،
وهل الجدية الأمريكية تعني ضغوطاً على أطراف القضية ونحن منهم، أم هي جدية لتحقيق إنجاز يسجل لإدارة أوباما؟
وهنالك مصر التي تنتقل كل يوم من حالة الخلاف والتباين إلى الفوضى الأمنية التي أصبحت القاهرة وليست سيناء ساحتها الرئيسة، وليس معلوماً إن كانت انتخابات الرئاسة وإنجاز الخطوة الثانية من خارطة الطريق وهي انتخابات رئيس بعد إقرار الدستور كفيله بأن تأخذ مصر إلى بر الأمان.
شهور غائمة، تفرض على الأردن تعاملاً دقيقاً فالحكاية ليست مساعدات اقتصادية لمساعدة الأردن على مواجهة أعباء اللجوء السوري، لكنها مرحلة الأسئلة الصعبة التي تنتظر إجابات، فالخطأ ممنوع والثمن صعب وكبير، وهذه الضبابية في شهورنا القادمة ربما تفرض تأجيلاً لقرارات وتغيرات، لكن إذا استمر الضباب فقد يصبح هو الأصل والقاعدة، وعندها علينا أن نتحرك تحت الضباب.
(الرأي)