للاحتفال بالأعياد ميلاداً أو ذكرى، معنى عميق يَستذكر فيه المرءُ الطيِّبَ من العمل والإنجاز، وهي مناسبةٌ لإنصاف المحتفى به والتعبير عن المشاعر الصافية تجاهه.

نحن اليوم أمام ملك منذ أن تسلَّم الراية وهو يسجّل الفضل تلو الفضل، ويسهر بلا ضجيج على مصلحة رعيته بإيمان عميق ومسؤولية محسوبة كي تبقى بلاده آمنة مستقرة، يعيش فيها الناس بطمأنينة وأمان وسلامة قلَّ نظيرها في عالمٍ متلاطم الموج من حولنا.

نحتفل بالملك الذي أخْرَجنا من غيابَةِ الجُبّ إلى أفق رحبٍ فيه من الثقة التي تتجدد باقتدار، ومن الحكمة والصبر، الآيات والمعاني العظام، فلا غضب من كلمة جارحة لا يتحمّلها بشر عادي، ولا توقُّفٍ عند نصِّ مفضوح المبغى، ليظل «سيدنا» القدوةَ بحِلْمِه لمن يعمل في خدمة العامة ويملك حق القرار من دون وجَلٍ من تبعات.. هو عبدالله الثاني، الملك البصير بشأن ناسه، والعارف بألمهم وحاجاتهم، فيقف من أجلهم ويطوف.

تشرّفتُ بمرافقة «سيدنا» مرات لا تحصى في موسكو وباريس وواشنطن ونيويورك والدوحة والكويت ولندن، وفي كل محافظات الوطن، وخلال اللقاءات الاعتيادية، وفي أثناء ذلك كلّه ظلّ السؤال الذي يساورني: ألا يتعب هذا الرجل مثل بقيّة الخلق؟ ألا ينام ويرتاح؟ ألا يرغب أن يعيش كبقية الحكام؟! ألا يتوقف قليلاً ليلتقط أنفاسه؟! فقد كنا نذهب للنوم أو التسوق، بينما يواصل هو لقاءاته بثلة من الجماعات واللوبيات وأعضاء الوفود ورجال المال والاقتصاد لـ»التحرُّش» بهم وحثِّهم على الاستثمار أو العمل في الأردن، وهو لا يفتأ يحفزنا لخدمة الوطن الصغير الذي وضَعه جلالته في مكانة لا ينكرها إلا جاحد أو أعمى بصرٍ وبصيرة.

أيّ إنسان هذا الذي يقوم الليل والنهار، فيربطهما بغداءِ عملٍ وعشاءِ إنجازٍ وسهَرِ خدمة كلّف نفسه بها بدافعٍ خالصٍ من شعوره بالمسؤولية تجاه وطنه واستشعاره الحقيقي بحاجات شعبه؟!

في عيد ميلاد الملك، نستذكر أين كنّا وأين صرنا.. وكيف وصل بنا جلالته بصبره وتفهُّمه وحنكته ورؤياه وإيمانه العميق ببلده وشعبه، إلى ما نحن فيه من بحبوحة أمن وسلام ورضى وسعة صدر من دون مواربة أو تلوين.. وها هو الأردن، بلدٌ اقتصاده معافى، وعشائره ملتحمة، ومحافظاته وقراه والمخيمات فيه تقف خلف قيادة عبد الله الثاني، برؤاه الحكيمة، وبصيرته بعيدة المدى، وأعماله وتجاربه التي كانت الأسلم والأبقى لنخطو إلى المستقبل بثقةٍ، محكومين بالأمل به ومعه ونحن نردد وراء إمامنا بعد كل صلاة أن يحفظه: «آمين».

لقد سار بنا الملك باقتدار، وجَنَّبَنا مصائب محقَّقة، وحملَ الأمانة بين يديه وواصل أداء الرسالة التي توارثها من لدن سلالة عريقة، وأصاب في كل خطوة، وكانت سهامه نحو من يتربّص بوحدتنا صائبة لا خائبة، فالتففنا حول رايته ورؤاه التي ترتكز على تحقيق السلامة للأرض والإنسان.

وها نحن نواصل الطريق بخريطة واضحة المعالم والمسلك، ونثق بجلالته لأننا نجد فيه المنقذ والمنصف والعادل والأب العطوف والأخ الحاني لكل أردني وأردنية، لنصل معاً برَّ الأمان والخيط الأبيض الذي لا يقاطعه سواد. لهذا نسير خلفه، ونبارك خُطاه، وندعو الله العلي القدير أن يحفظه وأهله وأسرته الأردنية التي أحَبَّ وبادَلَتْهُ المشاعر، من كل سوءٍ، ليبقى لنا ملكاً وقائداً ومرشداً حقيقياً لا يزيّف الكلمات ولا الأفعال، ولا ينظر إلا لمصلحة الأردن والأردنيين الذين يهتفون بلسان واحد: «بالروح.. بالدم.. نفديك يا أبا الحسين».
كل عام وأنت قائدنا ورائدنا ومليكنا المفدى.. وكل عام وأردنّكم بألف عافية وخير.

عن (الرأي).
samhayari@gmail.com