لاحظ صندوق النقد الدولي ان الاستمرار في ربط الدينار بالدولار سيبقي على النظام المصرفي سليما , ما يعني أن تأثير هبوط سعر صرف الدولار محدود لكن لتحسنه أثار إيجابية .
دولار قوي يعني بالضرورة دينار قوي مقابل العملات الأخرى وخصوصا اليورو , بفضل سياسة ربط الدينار بالدولار .
المتحمسون للتحول عن الربط بالدولار كرروا مخاوفهم عندما وهنت العملة الأميركية بسبب برنامج التحفيز الأميركي الذي يقوم على التيسير الكمي بتخفيف الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) القيود على الكميات المصدرة من الدولار , بمعنى طباعة كميات جديدة منه , ومبعث القلق كان ارتفاع كلفة المستوردات خصوصا من السلع المقومة بالعملة الأوروبية الموحدة أو بالعملات الأخرى .
هذه الحجة لم تصمد طويلا فالأمور تتجه الى خفض برنامج التيسير الكمي ما يعني أن الدولار سيسترجع قوته , ليس في مقابل العملات فحسب بل في قوته الشرائية للسلع الأساسية وفي مقدمتها النفط .
إضافة إلى ذلك غني عن القول أن نحو 70% من مستوردات المملكة هي بالدولار أو مقومة بالدولار , بالنظر إلى التوزيع الجغرافي لها فبالإضافة إلى منطقة التجارة العربية ( أكثر من 25% ) فحسب بيانات البنك المركزي تشكل أسواق السعودية والصين وألمانيا والولايات المتحدة وايطاليا واليابان وأوكرانيا أهم ثمانية مصادر للاستيراد وتستحوذ على 7ر57% من مجمل المستوردات , وفي مقدمتها النفط والغاز الطبيعي وجميعها بالدولار أو مقومة به .
عندما كان الدينار مربوطا بسلة عملات كان الانحراف في سعر الصرف الحقيقي للدينار عن سعر الصرف التوازني في حدود 5ر2 % وبعد الربط أصبح صفرا مما يؤكد أن نظام سعر الصرف الحالي والذي مضى على تطبيقه أكثر من ١٧ عاما يتوافق مع أساسيات الاقتصاد الأردني ويساهم في دعم النمو الاقتصادي من خلال تعزيز أساسيات الاستقرار المالي والنقدي .
إذا كان الاستثناء هو تأثر المديونية فهو مؤقت فكما هو معروف فان خدمتها المقومة بالدولار تتم وفق برنامج متوسط وطويل الأجل فحجم الدين الذي يتأثر اليوم سلبا قد يتأثر إيجابا غدا بمعنى أن تقلب أسعار الصرف ليست قاعدة تبنى على أساسها السياسات النقدية والمالية طويلة أو متوسطة الأجل لكن الخيارات تبقى مفتوحة في سياق مرن اذ تقتضي الحكمة الأخذ بمبدأ التحوط ضد المخاطر .
الأسبوع الماضي اضطربت بعض أسواق العملات لاحتمال خفض برنامج التيسير الكمي الأميركي لكن أسواق الصرف المحلية نشطت , والملاحظة الأهم أن سياسات البنك المركزي في الاستخدام الذكي لأدواته المالية نجحت في خفض معدل الدولرة , وزادت من الإقبال على الدينار , والمعيار هو أن البنك قادر على شراء الدولار وهو قادر كذلك على توفيره دون قيود .
(الرأي)