تم قطع العديد من العهود، على مر السنوات الماضية، للتعجيل بحركة الإصلاح السياسي. وتم تشكيل العديد من اللجان، ومن ضمنها لجنة الحوار الوطني. ورغم كل التوصيات التي خرجت بها اللجان والفعاليات السياسية والشعبية والحزبية، على المستويين الشعبي والرسمي، إلا أن هذه التوصيات لم تر النور، وبقيت حركة الإصلاح تراوح مكانها.
وربما ساهم العامل الإقليمي، وخصوصا في سورية، في توقيف عقارب ساعة الإصلاح حتى تتضح الرؤية في المجال الإقليمي، خصوصا أن فشل كل المراهنات على سقوط النظام السوري بسرعة، نتيجة لضيق الأفق وعدم تقدير الحالة السورية تقديرا حقيقيا لحجم نفوذ النظام وقوته في المجتمع السوري، ما أعاد خلط الأوراق على الصعيدين الإقليمي والدولي، واستدعى من الجميع إعادة حساباتهم بما يخص الواقع المحلي. ونحن أيضا كأردنيين بدأنا نعيد ترتيب أوراق بيتنا الداخلي، ومن ضمنها العودة من قبل الدولة للمضي في ملف الإصلاح السياسي.
ويحتل ملف قانون الانتخابات النيابية حجر الزاوية ونقطة الارتكاز في مجمل العملية الإصلاحية. فقد تمت الانتخابات النيابية السابقة في ضوء قانون الصوت الواحد، رغم محاولة التجديد ضمن ذات سياق القانون عبر ما عرف بالقائمة الوطنية، التي لم تحدث أي تغيير نوعي يذكر في شكل ومضمون مجلس النواب. لذا، بات في حكم الضرورة إعادة النظر في قانون الانتخاب الحالي الذي قاطعه عديد من القوى الشعبية والسياسية، وكان سببا في عزوف كثيرين عن التصويت؛ ما أفسح المجال بشكل أوسع لعودة ذات البنى التقليدية إلى مجلس النواب، بغض النظر عن المنطقة أو القائمة التي وصل على أساسها للمجلس.
حديث رئيس الوزراء عن قانون انتخاب جديد، يعيد مرة أخرى الحديث عن دورة عقارب ساعة الإصلاح السياسي التي توقفت منذ فترة طويلة. وبدا من الواضح أن الجميع في البلد تواقون لمعرفة ما يدور في ذهن الحكومة حول قانون الانتخاب المقبل، وكثُرت الاجتهادات والأسئلة، لكن لم يستطع أحد أن يصل إلى نتيجة، أو أن يتكهن بطبيعة القانون.
لكن هذه الحركة التي برزت إلى السطح مؤخرا، تؤكد أن قادم الأيام يحمل مفاجآت من العيار الثقيل تتعلق بملف الإصلاح. وربما يرتبط ذلك أيضا بملف التسوية فيما يخص الحالة الفلسطينية. وهذا الملف المعلق هو الذي أفسح المجال للعديد من التكهنات التي تتعلق باللاجئين وحق العودة وغيرها من الملفات التي تدعو إلى ترتيب البيت الداخلي الأردني بما يتناسب والمتغيرات الدولية والإقليمية، ويسرع في عملية الإصلاح السياسي بما يتناسب وطبيعة المرحلة الحالية والمستقبلية للإقليم!
سباق الوقت الذي تقوده الحكومة من خلف ستار، للتعجيل في طرح العديد من ملفات الإصلاح، يعني أن ثمة ترتيبات جديدة للمنطقة، تستدعي إصلاحا "على الحارك"، لكسب عامل الوقت، والمسير بخطوات محسوبة بدقة في هذا الملف، بحيث يتم إنضاج منظومة القوانين الناظمة للإصلاح بعيدا عن الأضواء!وبذلك، أبقت الحكومة باب التكهنات مفتوحا على كل الاحتمالات!
(الغد)