بدعوة من المركز الوطني لحقوق الانسان وضمن البرنامج الذي يستضيفه المركز لبناء قدرات الاحزاب...
اتيحت لي اليوم الفرصة للحديث مع مندوبي الاحزاب حول العلاقة بين الاحزاب والحكومه..
كان الحديث مهما.. وصريحا..ومثيرا.. البعض من الاصدقاء احس بان الحديث اكثر صراحة.. مما ينبغي؛ فالاحزاب الاردنية تعيش ازمة حقيقية؛ كوادرها شاخت... واجنداتها قديمه... شعبيتها متواضعة.. والدولة تسترضيها في العلن.. وتتعامل معها وفقا لوصفة لا يعلمها الا من فتح الله على قلوبهم في الخفاء..
يتأرجح عدد الاحزاب من فترة لاخرى.. يقفز حاجز الخمسينات احيانا... ويضمحل العدد الى أطراف العشرينات احيانا اخرى.. معظم المؤسسين واعضاء هيئات التأسيس اشخاص قلوبهم على الامة.. والامة مفهوم يعني لكل حزب شيء مختلف... بعضها يرى الامة دينية.. وبعضها قومية.. وبعضها اممية.. من الاحزاب من يريد اخذنا الى الامام.. والآخر يعتقد ان الاصلاح في العودة الى الخلف...
احزابنا ليست جزءاً من النظام السياسي الاردني... ادوارها غير رئيسية... وكل جهود الاصلاح لا ترى ان ادماجها ضروري....الكثير من الاحزاب لا تمانع في الاستمرار بلعب الدور الهامشي في سبيل الحفاظ على الروتين الذي تمارسه قياداتها الجاثمة على صدور اعضاءها منذ عقود... بعض الذين تقدموا في الهرم السياسي من الحزبيين حصلوا على مساعدة من صديق.....وبعض الراغبين في التقدم اكثر واكثر... يحافظون على هوياتهم الحزبيه... ولا يغامرون بصلاتهم مع الدوائر الاهم.....
أحد الحزبيين الذي نجح في انتخابات البرلمان... اسدل الستار على انتمائه الحزبي بعد ان دخل البرلمان... واحدى اليساريات اللواتي اكتسبن سمعة حسنة من دفاعها عن المبادىء ...قررت ان تستدير الى اليمين كما استدارت رفيقتها السابقه....لقد تفاجأت بمكالمة منها قبل ايام تدعوني لنشاط.... وشعرت بنبرتها الامبراطورية الجديده.....
في السنوات الاخيرة انضم الى العمل الحزبي اعداد من المتنفذين الذين خافوا من احتمالية فقدان نفوذهم... العشرات من تجار الشقق.. والشركات السياحيه وشركات الدخان والطيران والمواد الزراعية وكتاب الخواطر القصيرة والهواه الذين اسسوا محطات اعلاميه وحتى المياه عملوا هم الاخرين على تاسيس احزاب او
تمويلها مقابل بقائهم احياء في الساحة السياسية..
يكثر الحديث في بلادنا عن توسيع دائرة المشاركة لكن ذلك لا يطلق طاقات المجتمع بمقدار ما يكبلها..
فالنساء اللواتي يشاركن في العمل السياسي يخضعن لاختبارات للتاكد من انهن تخلين عن كل ما كن يؤمن به ابان حركة نضالهن للوصول الى الموقع..والمتدينين االذين انشقوا عن تنظيماتهم لا يزالوا يستخدمون عناوين انتماءاتهم السابقة عند الحاجة....والتنظيمات الوسطية فيها من المرونة ما يجعلها قادرة على استيعاب من لا قضية عنده...او من يريد ان يحمل قضاياه وطموحاته الشخصية على عربة امنه.في كثير من الاحيان لا تستطيع ان تفرق بين يمين او يسار ...وطني او اممي لفرط التشابه بين الجميع ....حتى اليساري يمكن ان يستدير الى الايمين بسرعة ورشاقة تفوق استيعابك لتحويره لخطابات الامس لتناسب موقعه الجديد.
.اليوم..هناك حديث عن ادماج الشباب في الحياة الحزبيه....لا ادري كيف سيتم ذلك دون تغيير في دور الاحزاب في الحياة الاردنية السياسيه...وتغيير اساسي في التشريعات لتسمح للشباب بالمشاركة في الحياة السياسية فعلا لا وهما.
في المانيا هناك نواب اعمارهم في بداية العشرينات. وفي النمسا عين قبل ايام وزير في العشرينات...ونحن وفي ذروة حديثنا عن التغيير ناتي بوزراء تم تجريبهم عشرات المرات ولم يفلحوا في شيء..ونروج لفكرة يقول صاحبها الاصلي اننا بحاجة الى نصف قرن لنمارس شيء من الديمقراطيه.
المشكلة كبيرة...والحديث فيها كبير....لكن الحوار حولها ليس من الحوار في شىء...لان المحاورين غير فاعلين.......الاحزاب الاردنيه تحتاج الى اكثر من مطالبات لتحسين اوضاعها......فهي بحاجة الى رؤيا واضحه...واهداف محددة..وتواصل جماهيري ....والى التزام كوادرها بالممارسات الديمقراطية .
ازمة الاحزاب لا تقف عند علاقتها مع النظام السياسي بل تتعداها الى العلاقة مع المجتمع وتنظيماته المختلفه....الطريق طويل.....ولا وقود في محركات الاحزاب....فقد تبدلت الكثير من الظروف....والاحزاب العامله لا اسنان لها لتقضم.... ولا اجهزة لتهضم.