في علاقات الناس بعضهم ببعض يتم استخدام الأمثال الشعبية للقياس والاستدلال، لكن هذه الأمثال البسيطة تصلح أيضاً في القضايا الكبرى وحتى علاقات الشعوب والدول...
من أمثالنا الشائعة " ركبناه على الحمار مد أيده في الخرج "، ويقال عن شخص تقوم بمساعدته وتقديم العون له من خلال حمله معك على حمارك أو حصانك، لكنه بعد أن يركب يمد يده في الخرج أي في ممتلكات صاحب الحمار، يأخذ منها أو يأكل أو يصدر قرارات بكيفية إدارة ما في خرج صاحب الحمار.
ومثل هذه الحالة تعني أن الضيف أو الحالة الإنسانية بدأ يتعامل على أساس أنه صاحب مال، وكلما حصل على تكريم أو حق إنساني اعتبره حقاً له وليس فضلاً من المستضيف، ويتحول التطفل إلى شراكة وربما لو طال أمد المسافة التي يركب فيها معك على حمارك يقوم بإنزالك عنه أو يعطيك حصة من ثمنه لو باعه، أو يتحدث معك على انه صاحب المال وأنك المتطفل.
حكاية الحمار والخرج والضيف يمكن أن تمتد إلى قضايا السياسة والاقتصاد وحتى إدارة الملفات المركزية والمصيرية، وحكاية التسلل في مستويات المكاسب من الكرم إلى الضيافة إلى التطفل ثم الشراكة إلى...
وحتى أنواع الحقوق فإنها تصنف اليوم بين سياسية وسيادية وإنسانية ومؤقتة ومواطنة وضيافة ومصالح استثمار واقتصاد، لكن انتقال بعض الامتيازات من مرتبة لأخرى ممكن وسهل، في زمن الضغوطات والاستقواء وشروط المساعدات، وأثمان المراحل الصعبة، والبعض يقبل بحق الضيافة أو أي ( حق !!) آخر وعيونه على تطويره وترقيته حتى يصل إلى أعلى مراتب الحقوق.
التجارب في كل العالم أثبتت أن حكاية الحمار والخرج حاضرة في أصعب الملفات، وفي كل اللغات والثقافات، ولا بد دائماً أن يبقى في البال أنه ليس كل من ستعطيه مساحة من ظهر حمارك لن يمد يده في خرج أمتعتك ويعبث بها أو ربما يحاول بيعها، وأن أي حق تمنحه اليوم سيتحول غداً إلى سلم للارتقاء إلى ( حقوق ) ليست مطلوبة اليوم.
Samih.m@alrai.com
الراي.