في الوسط الصحفي تتفق و تختلف مع كثيرين من الزملاء ، وربما هي مسألة "صحيّة" وعادية ، ولكن للأمانة يقتضي الاعتراف بأن ثمة ظواهر كتابية في الإعلام الورقي "اليومي" لم تعد تطاق بالطبع هنا المقصود ما ينطقون به من كتابات يومية تغرق في مستنقع الإسفاف واللغو والإنشاء الفارغ.
للأسف البالغ ، إن الخطاب الإعلامي لكتّاب صحفيين يوميين ، لا يتعايش اطلاقاً مع شؤون الأردنيين العامة ، البعض يتعايش مع السلطة بأدوات "حرباوية" ، وآخرون يبتعدون عن السلطة و يتعايشون ضدّها على طريقة "الخوارج".
حال الصحافة اليوم في الأردن يستحق الاهتمام و النقاش و المتابعة ، "مهنة " بدأت تفقد الكثير من الألق، لم يعد لها معناها الذي ورثنا مرويا عن السير العتيقة والعريقة لمؤسسين في صناعة المهنة ،في لحظة تقف بها الدولة الأردنية والمجتمع عند مفترق تاريخي ، مليء بالغموض والتعقيد والتحولات البنيوية العميقة ، التي نأمل أن تكون للافضل نحو العدالة في السياسة والاقتصاد والحكم الرشيد في السلطة ،والتقدم نحو الوحدة الوطنية وصون الهوية الأردنية.
"الأجنحة الخشنة " سيطرت على الاعلام الاردني بكل أشكاله و أنواعه ، لم تفرق بين اعلام رسمي و أهلي ، لم تفرق بين اعلام "مناور " يكسر تابوهات السياسة والاجتماع والثقافة ، و اعلام يتاجر بصكوك "قضايا" الاخرين في الاقليم الملتهب بالازمات.
"تنظيم للفوضى " مقاصده إعادة السيطرة ، منح البعض في الاعلام أن يتحركوا حركة "فوارة" ، يخرجون من القبضة ، ثم يعودون إليها طواعية ، لم تصنع كيانات في الاعلام "حرة الحركة " تقف في وجه البيروقراط و تقاوم تسلط واستبداد السلطة أو تتفادى أيضا ألاعيب المعارضة .
من الطبيعي و بالأحوال تلك ، الا نتفاجأ تماما ، من انتاجات الاعلام ، وأن ينفجر الرأي العام غضبا من أبطال " الدينكشويتات " و أوهام الصراعات المصطنعة ، و أقفال العقل الاعلامي أمام الانفتاح و الرأي العام و حرية صناعة ما هو جديد ومغاير ومختلف ، ولو "مناوراة " فقط رسائلها تكون موجهه للخارج أكثر من الداخل .
"العقل الرسمي " يزهو و يبتسم من أوهام لانتصارات لم تقام معاركها على أرض الواقع "افتراضية " ، أمكانات جعلتهم بالتفكير في رفع رايات الانتصار لمعارك في الداخل و الخارج ، شحنات زائدة و فائضة توزع عبر الاعلام ، يراد منها خربطت الاوراق في الداخل الاردني .
هذا الكلام لا نكتبه من باب النقد البحت ، بل ما يخفيه الاعلام الاردني من أزمة حافلة ، فضائع ترتكب بحق الرأي العام الاردني ، لم يعد ممكنا السكوت عنه ، أحوال مقلقة و مفجعة في المشهد الاعلامي ، تخلق أنماطا من خطاب أعلامي خفيف ورخيص لا يحتمل التساهل معه .