الاستفتاء المصري الذي جرى في أجواء احتفالية يومي 14 و15 يناير لم يكن حول مضمون الدستور الجديد فالسواد الأعظم من الناخبين لم يقرأه وأكثرهم ليسوا مؤهلين لتقييم الدساتير. الاستفتاء كان على 30 يونيو والعهد الجديد. ويضيف البعض أنه استفتاء على ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمنصب رئاسة الجمهورية.
بنفس المعنى فإن الذين قالوا لا للدستور ، والذين قاطعوا الاستفتاء لم يكن اعتراضهم منصباً على مضمون الدستور ، فلو قرأوه لوجدوا أنه افضل من دستور الإخوان ، وإن كل مادة من مواده أفضل وأكثر تقدميه وحرية وديمقراطية من المادة المقابلة لها في الدستور السابق. الذين قالوا لا أو قاطعوا الاستفتاء قصدوا رفض ثورة 30 يونيو باعتبارها ثورة مضادة ، ورفض العهد الجديد باعتباره حكم العسكر!.
فوز الدستور الجديد بثقة الشعب المصري كان معروفاً ومؤكداً سلفاً ، ليس فقط لأنه يمثل وثيقة متميزة ، بل أيضاً لأن الشعب المصري أعطى موافقته في جميع الاستفتاءات السابقة ، سواء كانت على دستور جديد ، أو تعديلات دستورية ، أو على مرشح وحيد للرئاسة قبل أن تصبح الانتخابات الرئاسية تعددية.
أهمية هذا الاستفتاء والنتائج الكاسحة التي أسفر عنها تنبع من اكتساب العهد الجديد والنظام الجديد شرعية دستورية إلى جانب الشرعية الثورية ، وأنه يفتح الباب واسعاً لترشيح السيسي للرئاسة باعتباره الرئيس الضرورة في ظروف مصر الراهنة.
السيسي والموقف الشعبي منه أعاد للأذهان صورة وكارزما عبد الناصر وشـعبيه ثورة 1952. ويؤكد أنصاره أنه سوف يعيد إنتاج زعامة وقيادة عبد الناصر في مجالات القومية والعروبة والاستقلالية والعدالة الاجتماعية ولكن بدون أخطاء عبد الناصر التي لا ينكرها أحد.
رئاسة مصر ليست منصباً سهلاً ، فالمتطلبات عاليـة جدأً وفي مقدمتها الأمـن والنظام ، والقضاء على الإرهاب ، وانعاش الاقتصاد ، والسيطرة على التضخم ، ومكافحة الفقر والبطالة ، وقبل كل ذلك ومعه التعامل مع أزمات حادة في قطاعات التعليم ، والصحة ، والكهرباء ، ومدن الصفيح ، وأزمة السير ، والعجز المالي ، والمديونية.
مصر بحاجة لرئيس قوي مدعوم شعبياً وعسكرياً ليحاول إعادة بناء مصر دولة مدنية حديثة ، وتلبية طموحات الشباب الذين أشعلوا ثورتين فهل ينجح السيسي في صنع المعجزة؟.
(الرأي)