في بداية يوليو (تموز) 2013 وفي حمأة السجالات «الجوفاء» حول الديمقراطية والشرعية في مصر، من قبل جماعة الإخوان المسلمين وممثلها في الرئاسة محمد مرسي، وترديد كلمة «الشرعية» بشكل وعظي تقديسي، كان الخوف هو من عودة التنظيم السري العسكري لـ«الإخوان» من تحت الرماد.
من يتذكر، يتذكر، ومن نسي نذكره، فقد كان قوام خطاب «لإخوان» ومن يناصرهم، حينها هو الدفاع عن الديمقراطية والشرعية والانطلاق من مفاهيم مدنية، مع تزايد الغضب الشعبي المصري من حكم «الإخوان» الكارثي، الذي كان مشغولا فقط بـ«التمكين» والتسليم «للأهل والعشيرة» من جماعة الإخوان.
الحال أن حجة الديمقراطية كانت مجرد مناورة لاستمالة السذج من الصحافيين والحقوقيين الغربيين، وأشباههم من العرب، وفي الباطن كان ثمة خطاب آخر للأهل والعشيرة، هو خطاب الخلافة وأستاذية العالم، وتحكيم الشريعة، أي أنه كان لـ«الإخوان» وجه باسم وديع للخارج، وآخر غاضب عبوس للداخل.
نجح المصريون، بدعم من الجيش وقائده عبد الفتاح السيسي، في نبذ «الإخوان»، وأثناء تفاصيل هذه المعركة الشرسة كان مرسي لا يمل من ترديد كلمة الشرعية بمعناها المدني الديمقراطي، لكن بطريقة توحي وكأنه يدافع عن «الشريعة» بمعناها الديني المقدس.
الآن، وبعد إخراج «الإخوان» من السلطة، وذهاب حشود رابعة والنهضة مع الرياح، وتهديد القائد الإخواني محمد البلتاجي، من منصة رابعة، بعدم توقف الإرهاب في سيناء إلا بعد عودة «الأخ» مرسي، واندلاع الإرهاب في مصر، تبين لكل ذي عينين مدى الترابط العضوي والموضوعي للأصوليين بكل ألوانهم، من البلتاجي وبديع إلى الزمر والظواهري.
من أجل ذلك فليس غريبا هذا الهجوم الإرهابي الحالي على مصر، بمناسبة مرور الدستور وتصويت المصريين على شطب «الإخوان» من السلطة، هذه الهجمات هي «عقاب» لجيش مصر، وشعب مصر أيضا.
في بضعة أيام، فقط، هذه هي الحصيلة:
11 قتيلا، و5 جنود جرحى جراء سقوط طائرة حربية بعد إطلاق صاروخ موجه في الشيخ زويد.
6 قتلى في مواجهات المنيا والجيزة والقاهرة والإسكندرية.
4 جرحى من قوات الأمن مصابون بشظايا في الانفجار الذي شهده معسكر الأمن بالسويس.
4 قتلى على الأقل، ونحو 76 جريحا جراء انفجار سيارة مفخخة استهدف مديرية أمن القاهرة.
تفجير إحدى محطات مترو الأنفاق بمنطقة «الدقي» في الجيزة.
5 قتلى في هجوم على نقطة أمنية بمحافظة بني سويف.
منتصف العالم الماضي قيل هنا: «الذي يجب التحوط له هو الانتقام العنيف، خصوصا بعد كلام مرسي في خطابه قبل الأخير عن أنه مستعد لبذل دمه لحماية الشرعية، والشرعية طبعا - حسب تصوره - هي حكم جماعته، وبعد ما نشر في الصحف المصرية عن توجيه مكتب إرشاد الجماعة لأعضاء الجماعة بكتابة «توصياتهم».
لقد عادوا لينتقموا...
(الشرق الأوسط)