الأمن الوظيفي .. والإصلاح
عاطف الهباهبه الدعجه
26-01-2014 04:17 AM
تشهد الأدارة الحكومية تراجعا واضحا ومتزايدا في مستوى كفاءة وإنتاجية العاملين فيها نتيجة للترهل والفساد الذي أصاب هذه الادارة في الآونة الأخيرة والذي يعد من اهم صور الفساد الذي تشهده الدولة الاردنيه وهو عاملا رئيسيا يساهم في وجود وتعزيز كافة مظاهر الفساد الأخرى ويعد بمثابة الأرض الخصبة لها ، ويعتبر تراجع مستوى الأمن الوظيفي احد اهم العوامل المسببه لظاهرة الترهل والفساد الاداري ، يالإضافة الى العوامل الأخرى التي سيرد ذكرها في هذا السياق ، وعليه فإن إصلاح الأدارة الحكومية هو مطلب ينادي به الجميع وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله في خطاباته وتوجيهاته للحكومة .
ان توفير الأمن والاستقرار الوظيفي للعاملين في الجهاز الحكومي وتمكينه على أرض الواقع والعمل على تحسينه أصبح مطلبا هاما وعاملا رئيسيا في رفع مستوى كفاءة الموظف العمومي الانتاجية وتفجير طاقاته الفكرية والإبداعية لتحقيق المزيد من البذل والعطاء والذي سيمكن الحكومة من قدرتها على مواجهة الاعباء والمسؤوليات الملقاه على عاتقها في تقديم خدماتها المتزايدة للمواطنين من حيث الكم والنوع بأعلى درجه من الكفاءة والتكلفة المناسبة وتمكينها من قدرتها في مواجهة التحديات المحلية والإقليمية والدولية التي تفرض نفسها على الساحة الاردنية والتصدي لها بكل عزم وثبات ، كذلك فان كفاءة وفاعلية الادارة الحكومية سوف يكون لها الدور الكبير في توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة المحلية والخارجية في كافة القطاعات الانتاجية مما يساهم في دفع عجلة التنمية وتحقيق مكتسباتها وهذا سوف يسهم في تحقيق الرّفاه الاجتماعي وتعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة وتحقيق الأمن والاستقرار الوطني .
ان التشريعات التي تحكم العاملين في الادارة الحكومية تشكل الأساس الذي يتحقق به الأمن والاستقرار الوظيفي والتي تجعل من الموظف العام يشعر بأعلى درجة من الطمأنينه لحاضره ومستقبله وتبعد عنه كل مصادر القلق النفسي المحبطة لعطاؤه وإنتاجيه وتمكنه من القدرة على القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته على أكمل وجه مما يعطي الصورة المشرقة بكافة جوانبها عن الأداء الحكومي المتميز ، وهنا نطرح السؤالين التاليين ، هل التشريعات المعمول بها حاليا تحقق لنا ما نصبوا اليه ؟ وهل نظام الخدمة الجديد وهو من التشريعات الهامه في هذا المجال سيساهم في تحقيق المزيد من الأمن والأستقرار الوظيفي ؟ ، وهنا نقول ونحن نتكلم عن أسباب تراجع الأمن والاستقرار الوظيفي ان المشكلة تكمن في قرارات التطبيق بالدرجة الأولى وليس في عدم كفاءة التشريعات التي يمكن ادخال أي تعديلات عليها كلما استدعت الحاجة الى ذلك ، حيث ان تطوير التشريعات الناظمه للعمل الحكومي في كافة المجالات أمر واجب ويلازم أداء أي حكومة وبما يخدم المصلحة العامة ، ولنا شاهدا في هذا الأمر من أستقراء اسباب تميز الأدارة الحكومية في السنوات التي خلت حيث كان التطبيق الفعال هو رائدها القائم على امانة المسؤولية والنزاهه والعدالة وصدق الأنتماء للوطن والقائد ، وهنا لابد من الإشارة الى ان هناك عوامل أخرى لها دورها في رفع الكفاءة الانتاجية للموظف مثل التخطيط للموارد البشرية ، والرقابة على الأداء ، والمحاسبة والمساءلة ، وفاعلية الهياكل التنظيمية ... الخ والتي تسهم ايضا في تحقيق المزيد من الأمن الوظيفي واستقراره .
وفي هذا المجال نؤكد على ضرورة المحافظة على الأمن الوظيفي واستقراره لزيادة كفاءة وفاعلية أداء العاملين في الجهاز الحكومي وتعظيم إنتاجيتهم والسمو بأخلاقيات وسلوكيات الموظف العام وكذلك فتح المجال للكفاءات الفنية والأدارية المبدعة للعمل فيه ، وذلك من خلال عمل مراجعة شاملة لكافة العوامل المكونة له بالوقوف على الأيجابيات في كل عامل وتعظيمها والوقوف على السلبيات وتجاوزها ، وهنا نشير الى بعض العوامل التي يجب سرعة مراجعتها :
ــ أعادة النظر بإقرار تعيين الموظف العام بموجب عقد يجدد سنويا والذي سيتم تطبيقه اعتبارا من 1/1/2014 وكما ورد بنظام الخدمة المدنية رقم (82) لسنة 2013 حيث أن الإبقاء عليه سوف يؤثر سلبا على الأمن الوظيفي بكافة جوانبه التي ذكرناها سابقا ، بالأضافه الى انه سيجعل من الموظف العام أسيرا لمزيد من الأملآءات التي تفرض عليه من المسؤولين المتنفذين اصحاب المصالح والمآرب الخاصه ، وسوف يساهم كذلك الى احجام الكفاءا ت من الألتحاق في الخدمة العامه أو من هجرها في حال حصول الموظف العام على فرصة عمل أفضل ، واقترح أن يتم تعيين الموظف بداية بعقد لمده سنه واحده يثبت بعدها في حال أثبات جدارته وفق تعليمات خاصه تصدر بهذا الشأن .
ــ تحسين رواتب الموظفين لتوفير العيش الكريم لهم وأغناؤهم عن الحاجة التي أوقعت البعض منهم في الأنحراف بالمسلك السيء ، ويمكن توفير فرصة التحسين هذه بدون أضافة أي أعباء ماليه كبيره على الموازنة العامه للدوله من خلال القضاء على البطالة المقنعة واعادة هيكلة الوظائف العامه للدولة للتخلص من الأدارات والوظائف غير المبرر وجودها ، وكذلك اعادة النظر بالهيئات المستقلة من حيث أهمية وجودها وأسس التعيين فيها وتطبيق سلم رواتب العاملين في الجهاز الحكومي على موظفيها ، هذا بالأضافة الى أن أي تقدم يتحقق في مجال الأمن الوظيفي سوف يسهم في زيادة الإيرادات وضبط النفقات نتيجة للتحسين الذي سيطرأ على مستوى الأداء الحكومي .
ــ أعادة النظر بهيكلة الرواتب التي أجريت في مطلع العام الماضي وما أحدث ذلك من ثغرات في سلم رواتب وعلاوات الموظفين وكانت سببا لكثير من الأضرابات والأعتصمات التي شهدناها خلال الفترة الماضيه .
ــ التركيز على جانب التأهيل والتدريب للموظفين بطريقة أفضل مما هي عليه الآن مع التأكيد على ضرورة اعادة النظر في تعيين الموظف بموجب عقد يجدد سنويا لان عملية التدريب والتأهيل هي ملازمه لحياة الموظف طوال سني خدمته ، وفي حال الابقاء على التعيين بموجب عقد فإنني أتسآئل عن الطريقه التي سيتم بها بناء خطط وبرامج التدريب والتأهيل ؟ ، وما هي الجدوى من الأستثمار في التدريب والتأهيل في حال عدم تجديد العقد مع الموظف ؟ ، وما تأثير ذلك على الموازنة العامه للدوله ؟
ــ اعادة هيكلة ديوان الخدمة المدنيه بتفعيل دوره في كافة الأمور التي تتعلق بالموظف العام من استخدام وتعيين وتدريب وتأهيل وانهاء خدمه... الخ بحيث تكون هي الأساس في هذه الأمور والمسيطرة على ذلك ، وذلك في سبيل تحقيق أعلى درجة من العدالة للموظفين كلا في دائرته وكذلك على مستوى دوائر الدولة ، وهذا الأمر معمول به في القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنيه .
ــ اعادة النظر بأنظمة الحوافز والمكافآت وتوخي العدالة في اقرارها .
ــ تحقيق رقابه فاعله على أداء الموظف من أجل تحصينه من الوقوع في الخطأ سواء كان هذا الخطأ مقصود اوغير مقصود .
ان تحقيق الأمن والاستقرار الوظيفي على درجة من الأهمية وهو ركيزة أساسية في أي عملية إصلاح تشرع بها الحكومه .