حين تتحدث عن المرأة الكركية وتريد أن تبرز دورها مثلا :- فهناك نماذج كثيرة للنساء اللواتي طوين الصبر بالصبر , واحترفن الرضى ...وإذا أردت أن تتحدث عن المرأة الكركية أيضا ,فعليك أن تغلف حرفك بالحذر ذاك أن النساء هناك لهن دلال خاص مابعده دلال .
أنا هنا أريد أن أعلق على ماكتبه احد الزملاء..حين تحدث عن ثلاثة مهن مارستها المرأة الكركية وهي :- الرجادات , الحطابات , الورادات ...
والرجاده هي التي تحمل الأحمال الثقيلة وخصوصا في موسم الحصاد , أم الحطابة فهي التي تبحث عن الحطب لزوم النار , أما الورادة فهي التي ترد الماء ..
وقبل الرد أود أن أقول أن هذا الكلام يقع في باب التوضيح , وليس مناكفة احد ...
أنا عاصرت جدتي ..وسمعت كل الحكايا عن زمن الغزو والمحل والقفر ..ولم أسمع عن كركي وظف زوجته رجاده ..ذاك أن المرأة في الكرك لها خصوصيه , وأول عضو مجلس بلدي من النساء في تاريخ المجالس البلديه في الأردن ..كانت من الكرك ...ولو استفاض الزميل في الإستماع لحكايا الجدات لأدرك أن من اشعل ثورة الكرك هي مشخص المجالي زوجة الزعيم قدر المجالي ...وأنها المرأة الوحيدة التي ظلت نخوة للكركين منذ (100) عام وللان عبر النشيد الخالد المشهور هي مشخص :- ( ياسامي باشا ما نطيع ولا نعد ارجالنا..)
المرأة الكركية كانت تاريخيا تحظى بالدلال , ولم تكن مجرد ربة بيت طائعة خانعه بل كانت شريكة في القرار ...ولو استمع الزميل للسيدة هدى خريس (أم باسل) امد الله في عمرها وعن تجربتها في الخمسينات وحلف بغداد , وكيف خرجت الصبايا مع الرجال في المسيرات وشاركن في العرائض , لما تحدث بهذا التبسيط عن النساء في الكرك .
ولو عرج الزميل على تاريخ بنات كل العشائر الكركية النبيلة , لأدرك أن المرأة الكركية هي الوحيدة في التاريخ الأردني التي كان يدفع (سياقها) أو كما يقال (مهرها) الألوف من الدونمات ..وكيف كانت تحظى بالحضور الإجتماعي .
لو يقرأ الزميل تاريخ ميسون الصناع , التي قررت في الستينات من القرن الماضي أن تغني التراث الكركي وتظهر على التلفاز , لأدرك أن حجم الحرية والتسامح الذي حظيت به المرأة الكركية والذي هو كان أبعد من وصفها بالوراده والرجاده أو الحطابه ...لو قرأ كتابات الراحلة رفقه دودين لعرف طعم الكرك فيها.
كان على الزميل أن يقرأ ما كتبه الدكتور محمد عدنان البخيت بشأن النسق الإجتماعي والتطور في الأردن ..أو ما كتبه الزميل موفق المحادين عن الدولة الأردنية بعنوان (الهرم المعكوس) ...ولو مر الزميل على (قعقعة) الأشواك ل (كير كبرايد) ...ولو عبر قليلا على مؤلفات الدكتور (سعد أبوديه) ...لأدرك أن المجتمعات العشائرية كانت تدلل المرأة ...وكان الرجل يملك من كبرياء الدنيا ما يؤهله أن يجوع ويتعب ويشقى لقاء أن تظل صاحبة الدار عزيزة وكريمة .
أنا عشت في عائلة ..لم اسمع أن امرأة فيها عملت (رجاده) , هذا لا يعني أني أضع هذا الأمر في زاوية العيب ...ولكن كيف نترك تفاصيلا هائله في حياة المرأة الكركية , ونطرق أبوابا ..غريبة عجيبة عن أدوارها ...
لو قرأ الزميل الكاتب ....ما قالته أم خالد هجوج ..ل (خالد) وهو في الجولان لعرف كيف يولد الحب مع أول نبضة في قلوب الكركيات :-
قطعت أنا حدود سوريا وانا على الولف دواره
يا حارس الشيك وافتحلي ومن الكرك جيت زواره .
لو قرأ تاريخ زعيم المعارضة الأردنية حسين الطراونة , وكيف كان يدلل البنات ويقدمهن على الذكور ولا يرفض أمرا لبنت , ويغدق عليهن بالهدايا ....كيف كان حسين قويا جريئا ...في وجه السلطة , وحنونا طيبا عند البنات ...لما نسي كل هذا التسامح والحب ...في سطوره وركز على الرجادات .
لو قرأ عن بنات الهلسه وكيف احترفن في الستينيات الطب والتمريض ودخلن سلك الجيش ..لعرف قوة وشكيمة الكركيات .
لاتقرأ الكرك هكذا يا صديقي , للكرك زوايا تقرأ منها ..ولا تقرأ من زاوية الرجادات .
أنا لا أدافع عن كركي ...بل أدافع عن تاريخي وتاريخ أهلي .
(الرأي)