هناك أيام وأسابيع عديدة وصفت بالحاسمة سواء في مصر أو في سواها من الاقطار العربية التي تعيش حمى مرحلة يتداخل فيها الانتقال مع الانتقام، لكن هذا الاسبوع المصري بدءاً من الذكرى الثالثة لثورة يناير سوف يشهد انفجار ما تراكم من احداث، وقد يكون الفرصة الأخيرة لاعلان الفريق السيسي ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة، لأن أي تأجيل سوف يعرض جاذبيته الشعبية للتآكل، خصوصاً في هذا الوقت الذي تتسارع فيه الاحداث ومنها ما ينسخ بعضه اضافة الى حالة التوتر التي تنتاب المزاج الشعبي بعد طول انتظار.
وقد استبقت القوات المسلحة المصرية الخامس والعشرين من يناير بيومين لتحتفل على طريقتها بالمناسبة، وكان هذا الاستباق بسبب اتاحة الفرصة للجيش والشرطة كي يتفرغ الاثنان لحماية الاحتفالات الشعبية، التي يصاحبها قلق ناجم عن تهديد بعض الاطراف وفي مقدمتها الاخوان وشباب السادس من ابريل بتظاهرات شاجبة لما آل اليه المشهد المصري بعد الثلاثين من حزيران الماضي.
قرائن عديدة تجزم بأن الفريق السيسي سوف يكون المرشح الابرز لانتخابات الرئاسة، خصوصاً بعد ان اعلن مرشحون سابقون منهم الفريق أحمد شفيق وعمرو موسى عن انسحابهم من الحلبة اذا قرر السيسي أن يخوض هذه المعركة، وثمة من أطلقوا على الفريق السيسي اسم المرشح الضرورة، الذي لم يعد لديه من ترف الخيارات ما يدفعه الى الاعتذار خصوصاً اذا نزل ملايين المصريين الى الشارع وطالبوه بل أمروه بذلك.
وفعل الأمر الشعبي هذا مستعار من خطاب السيسي ذاته، يوم قال ان الشعب أمر الجيش وفوّضه لوضع حدّ للفوضى التي أوشكت ان تفكك الدولة وتجعل كل شيء في مهب العواصف، ولأن احتفال القوات المسلحة الاستباقي بذكرى يناير التي تتزامن مع عيد الشرطة، فقد حدث ما يضع شعرة في حساء الاحتفال وهو احداث بني سويف المؤسفة والتي جعلت الفريق السيسي يجلس أمام الكاميرات متجهماً وحزيناً رغم دقائق التصفيق التي ظفر بها لمجرد ان ذكر وزير الداخلية اسمه.
وأحياناً تحتشد عدة أشهر وربما أعوام في أسبوع واحد، ليس فقط لأنه يصادف ذكرى وطنية، بل لأن الحدث الأكبر الذي سوف يبرز فيه هو الترشح للرئاسة، ولم يكن تردد الفريق السيسي رغم المناشدة الشعبية مجرد تمنّع تكتيكي، بقدر ما هو فهم لمتتالية الوقائع، التي جعلت من خروج الملايين الى الشوارع في الثلاثين من حزيران موقفاً اشكالياً قرىء عدة قراءات لم تكن النوايا بمعزل عنها.
ما خشيه السيسي هو الاستنتاج بأن ما قام به في ذلك اليوم الصيفي القائظ هو بدافع شهوة السلطة، اضافة الى ما قاله الاستاذ هيكل قبل أقل من شهر وهو ان الفريق يعز عليه أن يغادر منصبه ويخلع بزته العسكرية، ولا أظن ان هيكل قال ذلك استنتاجاً عن بعد فهو قريب من الفريق ويلتقيه بين وقت وآخر!
واذا كانت ذكرى يناير الثالثة تعج بكل هذا التوتر وما يشبه العصاب السياسي بسبب المكوث طويلاً في فترة الانتقال، فان الذكرى الرابعة بعد عام لن تكون كذلك، لان موضوع الرئاسة سيكون قد حسم، وكذلك الانتخابات البرلمانية.
(الدستور)