«الإنتخاب» وإخوانه والتوقيت السياسي
سميح المعايطة
24-01-2014 02:34 AM
في الساعات الأولى من بدء عمل مجلس النواب السابع عشر وجه جلالة الملك في خطاب العرش إلى ضرورة وضع قانون انتخاب جديد، ووصف الملك القانون الحالي بأنه غير مثالي، وهي إشارة إصلاحية تهدف إلى ضرورة الاستمرار في الإصلاح والتطوير.
التعديل على قانون الانتخابات سيكون مركزاً على النظام الانتخابي، أي عدد الأصوات الممنوحة لكل مواطن، ونظام القوائم وكيف يكون، وهذا أمر سياسي بالدرجة الأولى، لأن قانون الانتخابات في بلادنا له دلالات تخص هوية النظام السياسي، وبالتالي فإن التعامل معه تتم بدقة مع مراعاة أن يحمل النظام الانتخابي تطوراً إصلاحياً وتعميقاً للأداء والبنية السياسية لمجلس النواب ومضمون العملية الانتخابية.
ما هو مؤكد - إن شاء الله - أن الانتخابات النيابية القادمة ستجرى وفق قانون جديد، وأنه يجب أن يكون خطوة إلى الأمام، لكن ما هو مؤكد أيضاً أننا في مرحلة قلقة بكل المقاييس، قلقة بما حولنا، وقلقة في ظل الحديث عما تحمل مفاوضات السلام من أفكار واقتراحات، وبكل المقاييس فإننا لسنا بحاجة إلى صياغة التعديلات على قانون الانتخاب في ظل القلق السياسي والأمني في المنطقة.
الدولة الأردنية أجرت الانتخابات النيابية والبلدية في مرحلة إقليمية صعبة، وكان هذا إنجازاً سياسياً للدولة بكل مكوناتها، لكننا اليوم – نظرياً -
على بعد ثلاث سنوات من موعد الانتخابات النيابية القادمة، ونملك كامل الوقت حتى نصل إلى الصيغة المناسبة سياسياً وإصلاحياً.
نقول هذا ونحن نقرأ ونتابع ما يقال حول قانون جديد أوشك على الظهور، أو تصريحات بأن المشاورات الفنية جارية، ونعلم أيضاً أن بعض الأوساط السياسية تضغط لإخراج قانون جديد وفق رؤيتها، لكن علينا أن لا ننسى أن التوقيت السياسي لإخراج قانون وتحديداً النظام الانتخابي هام جداً، وما دمنا نملك الوقت لنرى المسار العام للمنطقة، وإلى أين ستذهب الأمور على صعيد التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، فلننتظر، فلا حاجة للعجلة ولا لأي خطوة بحجم قانون الانتخاب، وبخاصة أن هناك عملية ربط بين الحديث عن القانون الآن وبين التسريبات حول تسوية القضية الفلسطينية وملف اللاجئين وحتى مع القرار الأول بمنح أبناء الأردنيات حقوقاً مدنية وهو قرار يثير مخاوف سياسية وشعبية.
التوقيت السياسي في هذه المرحلة هام جداً لأي خطوة أو حتى تسريبات أو أحاديث حتى لو كانت اجتهادات لمسؤول أو مجموعة، فالحساسية السياسية يجب أن تكون بأقصى حدودها، ولننتبه إلى ما في داخل الناس من مخاوف وتفسيرات.
أعلم جيداً أن عقل الدولة ومؤسساتها السيادية تتعامل مع المعادلة بشكل دقيق وإدراك لكل الأبعاد، لكن ليس مطلوباً من الأردني أن يفرق بين ما هو رسمي وحقيقي وبين ما هو اجتهادات أو تسريبات أو ضغوطات، ولنتذكر أن كل ما سبق في نظر الناس حالة سياسية ولها أبعادها، فقانون الانتخاب في معظمه إجراءات وجوهره النظام الانتخابي ونظام توزيع الدوائر.
لسنا في عجلة من أمرنا، ولنكن أكثر حذراً فنحن في مرحلة سياسية وأمنية غير مستقرة حولنا، وما زال في عمر المجلس ثلاث سنوات، « فالانتخاب « وإخوانه من القرارات والإجراءات هامة ومؤثرة في هوية الدولة وجوهر نظامها السياسي.
(الرأي)