لماذا تهملون الأردنيين في أمريكا؟!
ماهر ابو طير
24-01-2014 02:22 AM
امضينا اسبوعا في نيويورك،وقبلها،كنا في مرات سابقة،قد زرنا واشنطن،واللافت للانتباه هنا ان اعداد الاردنيين تقدر بمئات الالاف،اغلبهم يحمل الجنسية الامريكية.
تستدعي كل الخطاب الرسمي الذي يريد جلب رؤوس الاموال العربية والاجنبية الى الاردن،ويجهد في اقناعهم،فوق نفور كثيرين،لما يرونه من محسوبية وفساد،وانخفاض مستوى الشفافية،في الوقت الذي يتم اهمال المال الاردني المكدس بالمليارات في دول الخليج،والولايات المتحدة،وبقية المغتربات.
كل الوصفات التي تم اللجوء اليها،من عقد مؤتمرات للمغتربين،او الالتقاء بأفراد الجاليات الاردنية في الخارج،لم تؤد الى نتائج على ارض الواقع،لان هؤلاء يعانون من سرعة الاحباط والعطب لما يرونه في الاردن مقارنة بمغترباتهم،فيما طريقة الاتصال بهم تخضع للانتقائية وللعلاقات العامة،فيغيب كثيرون عن اي حالة اتصال مع الاردن عبر مؤسساته،لصالح رموز واسماء تستحوذ على العلاقات والمكانة والوكالة مع المؤسسة الرسمية بشقيها السياسي والاقتصادي.
مئات الاف الاردنيين في الولايات المتحدة،بعضهم ثري جدا،وبعضهم من الطبقة الوسطى،وبينهم من يعيش هنا حتى يعيش فقط،غير ان كل هذه الكتلة البشرية الميسورة ماليا،في بعض طبقاتها والمؤهلة علميا،والمتأقلمة مع لغة العالم المتعصرن،كتلة لايتم الوقوف عندها،بذرائع مختلفة،اقلها كبر مساحة الولايات المتحدة ثم ابتعاد هؤلاء عن اي شيء رسمي،فوق ان بعضهم لايريد ان يتذكر كل العالم العربي بما فيه من حكايات عز نظيرها!.
هي دعوة لعقد مؤتمر كبير في ذات الولايات المتحدة للاردنيين في امريكا،عبروضع اليات مختلفة للمؤتمر وللدعوات،بحيث يتم الوصول الى كثيرين يبتعدون قهرا او برضاهم،من اجل استقطاب هؤلاء مجددا الى بلدهم على الصعيد الاقتصادي.
الاغلب ان الجميع يعرف كيف يصل الى الاردن ويعرف مافيه من امكانات،غير ان الجفاء والبعد بحد ذاته،سبب في قطيعة اضافية،فوق مالديهم من ملاحظات على علاقتهم ببلدهم،وهي ملاحظات لابد من الوقوف عندها.
علاقة الاردنيين في امريكا ببلدهم ليست بحاجة الى مؤتمر بمعنى انعاش الوطنية،لكننا نتحدث عن مؤسسة للاردنيين في الولايات المتحدة يكون لها دور فاعل،في تسييل المال الاردني في الولايات المتحدة الى هنا،بدلا من ثقافة المغتربات التي باتت لاتريد في الاردن اكثر من غرفة للسكن او ارض لزراعتها وزيارتها صيفا،وهذا حال اغلب المغتربين في الخارج،بعد قصص كثيرة ذاقها هؤلاء اذ شدهم الحنين الى بلدهم،فما ذاقوا الا اللاذعات.
بدلا من توسل العالم للاستثمار في الاردن،علينا ان نتنبه الى امرين،اولهما ان ودائع المصارف الاردنية تتجاوز الخمسة وعشرين مليار دولار ولااحد يقنع اصحابها بتحريك اموالهم في البلد،لا.. لبناء شقة،ولالغير ذلك على الرغم من ان القيمة الشرائية لدنانيرهم تتراجع يوميا،فيما يلوذون هم بتجميدها وانتظار الفائدة عليها،وهي ارباح محروقة لان التضخم والغلاء يسحق كل هذه الارباح.
ثانيهما مايتعلق بالاردنيين في المغتربات من دول الخليج الى امريكا وكنداوغيرها من دول،وبالطبع الكل يعرف ان لدينا نسبة كبيرة من المغتربين تغترب كي تعيش فقط،وتغطي نفقاتها،ولامال لديها يفيض على يديها من اجل توفيره،ومقابل هؤلاء هناك نسبة تمتلك ثروات هائلة تصل في بعض التقديرات الى مليارات الدولارات،وكل هؤلاء يتجنبون الاردن،اما عتبا،واما ذعرا وخوفا من المستقبل،ومما يطالعونه عن «خراب البلد» يوما بعد يوم،او لانهم يغيبون بعيدا فلااحد يعرف عنهم،ولااحد يتصل بهم.
اهمال الاردنيين في الخارج كبير ومحرج،من صندوق الانتخاب الذي لايحق لهم الوصول اليه،لعدم وجوده اساسا في مغترباتهم،وصولا الى بقية القضايا المالية والاقتصادية واشكال التواصل الاجتماعي،ونكرر الدعوة هنا لمطبخ القرار في الاردن،للبحث عن افكار خلاقة للتواصل مع الاردنيين في امريكا،والاستفادة من مستواهم،وعدم تركهم اسارى لهذه المغتربات التي انصفتهم طبعا وحققت لهم الكثير،لكنها ليست بديلا وجدانيا عن الاردن.
بدلا من توسل العرب والاجانب للقدوم الى الاردن،علينا ان نقنع ابناءنا اولا بالعودة الى بلدهم،على الصعيد الاقتصادي،ولو جزئيا،بدلا من هذا الجفاء الذي كنا السبب فيه قبلهم،وهي عودة لايمكن ان تتحقق الا عبر معايير تتشابه مع معايير مجتمعاتهم الجديدة،وليس على طريقتنا المعتادة التي لم يعودوا يقبلونها،ولايفهمونها ايضا في هذا الزمن.
....أليس كذلك؟!.
(الدستور)