يود الكتابة في الهم الوطني
ممدوح ابودلهوم
23-01-2014 02:31 AM
قد نصحني صديق، ذات محنة، أن أكتب عن عنترة بن شداد مثالا، فلا ينال مني حنظل الكتابة، فإن فعلت، وليتني فعلت، أكونن من الفائزين الآمنين. ونصحني قريب مشفق، ذات طامة، أن أكتب في الشعر البدوي وعن حكايات باديتنا الأصيلة، لعلي، وكم تمنيت، أضيف درا فوق در أنبه أساتذتنا من الرواد الأوائل، أمثال العلامة الكبير الراحل الأستاذ روكس العزيزي ومن تبعه بِدُرِّ إلى يوم الدين من تلك الكوكبة اللاعمة، الذين أسبغوا علينا من نعماء هذا الفن الرفيع، فإن فعلت، وليتني فعلت، أكون في حصن حصين وملاذ مكين من عواقب الكتابة!
بينما راح زميل أديب، يحثني على أن أعض بالنواجذ ما استطعت على مرابع الأدب ومنابع الإبداع، ففي ذلك، إن فعلت.. وليتني فعلت، تكون نجاتي و.. حياتي، في زمن الشللية والدكاكينية والزبد التقميشي الذاهب جفاء لا محالة حتى وإن طال الزمان. كلهم كان صادقا صدوقا وناصحا أمينا، لولا أن أمري عظيم ومسوغي أعظم، فإن لم أكتب دفاعا عن وطني الغالي وشعبه الأصيل، فعلي اللعنى الأردنية ولتكن لي الأم الهاوية- النار الحامية، عقابا ومستقراً!
فلكم تمنيت، أقسم يا أهلي، أن أهرب من سياط هذه الموضوعات المفخخة بكل خطر وتهلكة، لولا ما يخرج به هؤلاء علينا بين الحين والحين من مقولات مريضة، وطروحات سامة، وجهها براق، ولبها زعاف، ظاهرها أملس كما جلد الأفعى وباطنها روث خنازير، مبتدأها ناعم الهوى وخبرها عطر منشم.. لله الشكوى!
لبعض ما آنفت من كل تترفع عنه سطوري، تجدني، قارئي الكريم، ألبي نداء برّاقي الأردني.. هذا القلم الملتزم، لما رآه من إعتداء سافر وأثيم، تشدقا إعلاميا وطعنا سياسيا على ليلانا العربية المطهرة: (الأردن المقدس) فوق همومه القومية ومسؤولياته الإنسانية، وما يمليه عليه موقعه العربي- جيوبوليتيكيا- الديني والإنساني، من واجب عظيم مشهود ومعروف، فوق طموحاته التنموية وتطلعاته المستقبلية النبيلة الرائدة، من أجل غد أكرم للأجيال القادمة، كونه الصدر الأعظم للأمة الأكرم حتى لو كره المتشدقون.
أجل.. أعود اليوم، وقد عادوا، مضطرا غير مخير، لتقديم هذا النزيف المثقل من بوحنا الإنتمائي بعناوين (لا) تفاصيل!، أشير و(لا) أفتح الجروح و(الملفات الجائعة)!، أدافع أيضا و(لا) أهاجم (أبداً)، ذلك أن الهجوم ليس من خلقنا النشمي وحوارنا الحضاري ودفترنا الأردني الخالد..
أكتب لله وللتاريخ وليبقى وجه هذا الوطن، كما دائما، مليحا طيبا كمليكه وأردنييه النشامى، ولكي نحتفظ بصدارة الفصول الزاهية، وهي لنا لا لغيرنا، في دارة التاريخ، وبكلمة مبتسرة، أكتب بحضارية نبيلة وبطيبة أصيلة بإزاء كل هذا (الفحيح) الإعلامي و(النعيق) السياسي والتخرصات (الطحلبية) والتقميشات (التسلقية)، حتى تكون إلى خسران وإندحار، ولتكون، من بعد، هذه الأوراق الباسلة كتابنا الأبيض لكل الدنيا، وحتى يكون هذا لنا لا علينا أمام الأجيال القادمة- كما أشار الراحل الحسين المفدى غير مرة وفي غير مقام.. وللحديث صلة لا مناص في مقبل الأيام.