مشاجرة بين أطفال، شبان غاضبين، وفاة شخص، اشتباكات بين أفراد عشيرتين، أعمال عنف تخللها استخدام أسلحة نارية وهراوات وحجارة، حرق منازل ومحلات تجارية، قوات الدرك تشتبك مع الشبان الغاضبين لإيقاف عمليات التخريب، إطلاق قنابل الغاز لتفريق الجموع، أعمال شغب متجددة، تهديد من ذوي المتوفى «المقتول» بمزيد من العنف!
هل هذا كله من باب رد الفعل!
هل حسب أولئك المندفعون المتسرعون تبعات تصرفاتهم الخرقاء الموسومة بالحرق والسواد!
هل وعى أي من أولئك الخارجين عن القانون خطورة خرقهم للقانون الأرضي أو السماوي؟
أليس هذا هو وقت امتحانات المرحلة الثانوية، وكذلك مرحلة امتحانات نهاية الفصل للمرحلة الجامعية، وعليه فمن لم يستطع من الطلبة الوصول لقاعة الامتحان فيكون بذلك قد خسر مستقبله بفعل فاعل جاهل أرعن!
ما هو ذنب من فقد بيته أو متجره، ولم يكن يعلم حتى بوجود خلاف؟
ما هو ذنب أحدهم حتى يُحرق متجره من قِبل ذوي المقتول، عن جرم لم يشترك به، إنما جريمته الوحيدة هو أنه يحمل والمجرم ذات الاسم أو الكنية، وربما كانا فيما بينهما أشد الخصام؟
أليس هذا هو النكد؟ بل الظلم بعينه؟
أليس هذا هو الجهل، والحالة هذه هي الجاهلية لم تتسنه؟
أليس هذا هو الفساد في الأرض؟
أليس هذا هو الإزعاج المجتمعي، والإقلاق المقصود المتعمد لراحة الآخرين؟
أليس هذا هو التخلف عن سبق إصرار؟
أليس هذا هو أمن العقاب المضر بمصالح الناس؟
ألا يوقف ذلك الفعل عجلة الحياة؟
ما ذنبنا نحن الذين ليس لنا ناقة فيما حصل أو جمل؟
ألا يصنف ذلك إلا على أنه ألانتقام من كل الناس معاً، والآية الكريمة تحض على أن لا تزر وازرة وزر أخرى.
ففي الوقت الذي يكرس الوطن فيه جل جهده، في مواجهة الأخطار الخارجية المحيطة به تجده مضطراً لوضع قواته الأمنية في ضبط أمن من كان الأولى بهم أن يحافظوا هم على أمنه!
وفي الوقت الذي تُلزمنا فيه حكمتنا وعقلانيتنا ومصلحتنا العامة، أن نكون صف واحداً لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من حياتنا كجزء من العالم العربي بشكل خاص، تجد من يفرض نفسه بشكل سلبي، ليصبح عبئا على الوطن بدل أن يكون دعماً وعوناً له!
لقد سئمنا العنف، فعنف جامعي، وآخر يرافق امتحانات المرحلة الثانوية العامة الوزارية الذي تصر فيه فئة متخلفة على إعاقة سير الامتحانات، ولا ترضى إلا أن تنتصر لغة الغش ولو بالقوة، وآخر أساسه «لعب العيال» وما يتبعه من غضبة الشبان وما يليه من دمار وإغلاق للطرق، هذه كلها عوامل هدم غير بناءة، ضارة مدمرة، فتاكة بالمجتمع، ذات تأثير سلبي وسمعة سيئة.
باختصار شديد:
بوجود الدولة ووجود القانون، القضاء هو المكلف بتحصيل الحقوق وإقامة العدل بين الناس وليس اللجوء إلى القوة والعزوة، ولنا في قوله وسنته عليه الصلاة والسلام خير مرشد بما حثنا عليه من أن:
«َدِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ».
فهل وصلت الرسالة؟
(الرأي)