مأساة منهاج التربية الوطنية والمدنية .. إلى متى؟؟
سمر الحاج حسن
11-02-2008 02:00 AM
نتحدث عن أهمية تنشئة جيل من الشباب الواعى لحقوقه وواجباته الوطنية والسياسية والمدنية وليكون فاعلا في ممارسة هذه الواجبات والحقوق ، ومن البديهي أن هذا الوعي لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان جزء لا يتجزاء من عملية التربية و التعليم والتأسيس في المدرسة في جميع المراحل الدراسية . وربما أن وزارة التربية والتعليم تقيس إلتزامها في هذا المجال من خلال وجود كتاب التربية الوطنية والمدنية ، ولكن هل تقيس الوزارة تأثير هذا المنهج لتوعية الطلاب في المراحل المختلفة و لتهيئة جيل فاعل وطنيا ومدنيا وسياسيا؟أنقل همي وقلقي حول هذا الموضوع من خلال متابعتي لإبنتي في الصف الثامن ، فمن المأساة أن منهج التربية الوطنية والمدنية يسرد مفاهيم الإنتماء الوطني والحقوق المدنية والسياسية بطريقة مملة وغير واضحة ،كما يفتقد المنهج إلى البعد العملي و الواقعي لتقريب هذه المفاهيم إلى طلاب في الثالثة عشر من العمرلإستيعاب وفهم موضوع الإنتماء والحقوق والواجبات الوطنية والمدنية . وربما كانت إبنتي من المحظوظين حيث أنها عاشت معي تجربتي في خوض الإنتخابات النيابية التي جرت مؤخرا فاستطعت كأم تحرص أن تنشيء أبناءها على محبة الوطن والإنتماء الصادق أن أوضح لها المفاهيم الواردة في الكتاب من خلال الواقع الذي عاشته معي.
أما من الأسئلة الموجهة للطالب لتقييم فهمه .. عذرا) حفظه( للمادة سؤال يطرح قضية وطنية و سياسة على طلاب الصف الثامن وهو " ما المطلوب لتفعيل دور الأحزاب السياسية في الأردن؟" هذه القضية الشائكة والتي عجزت الحكومات عن إيجاد الحل المناسب لها ، فوزارة التربية والتعليم تتوقع من الطالب في الصف الثامن أن يجيب على هذا السؤال وأيجاد الحل ، أما كيف تتوقع الوزارة من هذا الطالب الإجابة ، فما على الطالب إلا أن يحفظ جملتين من الكتاب ليجيب على السؤال ويحصل على العلامة فقط .
ولأنقل لكم مأساة هذا المنهاج بأبعاده المختلفة ، فهناك وحدة " التفكير والمنطق والحوار" والتي تشمل عناوين مثل التفكير وخصائصة والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي . لوهلة يتوقع القاريء أن هذه الوحدة تهدف إلى تنمية التفكير النقدي والإبداعي بأسلوب عملي يتدرب من خلاله الطالب على أساليب التفكير ليصبح ممارسة عملية في حياته ، ولكن للأسف فإن النتاجات العامة الواردة في بداية الوحدة تشمل أن يحفظ الطالب المفاهيم والمصطلحات الواردة ويميز الخصائص ويؤمن أن التفكير السليم هو الأسلوب الأفضل ويوضح أشكال التفكير ويقارن بينها اويحدد مهارات جمع المعلومات . وفي النهاية يقيم الطالب من خلال الأسئلة بما حفظ من هذه العناوين ، و طبعا فليس أمام الطالب إلا أن يحفظ كيف عليه أن يفكر ولكن من دون تفكير.
هناك بعض المدارس والمدرسين اللذين يبذلون جهدا كبيرا في إستخدام أساليب إبتكارية لتحويل منهج التربية الوطينة والمدنية إلى مادة حيوية و ممتعة ، ولكن المستفيد من هذه الجهود أعداد بسيطة جدا من الطلاب أما الأكثرية من الطلاب في بلدنا العزيز يعيشون مأساة مناهج التربية الوطنية والمدنية وغيرها من المناهج . نسمع بين الحين والآخر نية وزارة التربية والتعليم في مراجعة المناهج الدراسية وتطويرها ، ولكن لم نرى أي تطور أو تحسين في هذه المناهج لمواكبة إحتياجات التعليم والتطور في أساليب التعليم . وهذه رسالة أضعها أمام القائمين على تطرير مناهج التعليم في الوزارة لمراجعة المناهج الدراسية بشكل مزضوعى قبل أن يفوت الأوان ونخسر الفرص لتنشئة أجيال من الطلاب والطالبات ليكونوا مواطينين فاعلين ومؤثرين.
s.hajhasan@mahara.jo