يقولون «الفاضي بعمل قاضي». ويقولون»قلّة الشُّغل بتعلم التطريز». ويقولون عن شبيه حالتي كلاما كثيرا.
لكنّي «فاضي» و»طفران»،ولا أصلح لأن أكون»قاضيا» ولا أُجيد عمل» التطريز».
الشيء الوحيد الذي ـ ربما ـ أُجيده هو القراءة والكتابة والتأمل و»النميمة».
وبسبب «الطّفر»،وعدم القدرة على شراء روايات وكتب جديدة،عدتُ الى مكتبتي ـ أغلى ما املك ـ،أو كما يقولون»رجعت للدفاتر العُتُق».وتناولتُ كتاب سومرست موم «عشر روايات خالدة»،واكتشفتُ أنني اشتريته وقرأته قبل عشرين عاما. لكن الاكتشاف الأهم،أنني شعرتُ أن الكتاب مهم جدا،وربما وقت شرائه، قبل عشرين عاما، لم أشعر بذلك.
يتحدث المؤلّف عن أهم «عشر روايات عالمية»من وجهة نظره،ومنها رواية تولوستوي الشهيرة»الحرب والسلام» ورواية «مدام بوفاري» للكاتب فلوبير وغيرهما.
وكما يحدث لي عند قراءة الكتب،تصيبني حالة»توحّد» بلاش هذه الكلمة،،خليها «إندماج» مع الشخصيات.فاهرب من حالتي الراهنة الى ظروف الشخصيات الروائية،وذلك يمنحني»تحليقا» عاليا،ينتج عنه»إحساس» ما بالراحة. خاصة عندما اقارن فقري بفقر ابطال الروايات وما واجهونه من صعوبات في حياتهم.
هو سلوك»هروبي» أُمارسه،في الظروف الصعبة،وكانت والدتي تسميها»فَعْفَطَة». أي عمل أي شيء لمجرد الحركة.
وخلال استغراقي في تجربة وحياة الكاتب الروسي تولوستوي،سمعتُ هدير»كُمبريصة» قريبا من بيتي. فتركتُ الكتاب،بحركة لا ارادية،وخرجتُ»بالبيجامة « أستطلع الأمر،فوجدتُ رجالا يدقون الشارع المحاذي للعمارة التي أسكن فيها.ودون»إحم ولا دستور»،اقتربتُ منهم وسألتهم عن الإزعاج الذي يسببونه لنا. فقال أحدهم وهو يمسح عرقه:عايزين نسفلت الشارع.
انسحبتُ من المشهد،وقدّرتُ أنهم يقومون بعمل سيكون مفيدا . ولعلّي كنتُ أعتذر لهم عن اقتحامي لعملهم.
شعرتُ بالندم.
عدتُ الى البيت. وضعتُ ماء في»السخّان» وانتظرتُ درجة الغليان،وأعددتُ كوبا من الشاي،مخالفا بذلك عادتي المسائية بتناول»فنجان قهوة».
تحركتُ في البيت بطريقة عبثية ودون هدف.وجدتُ حذاء في طريقي،تناولته واعدته الى خزانة الاحذية. وكذلك فعلتُ ب»بسكليت» الولد.
تصرفات،لا معنى لها.
تماما مثل تصريحات المشاركين في «جنيف 2».
في الواقع،أنا لم أكن أفعل شيئا.
أنا كنت فقط «بَفَعْ...فِط»!
(الدستور)