شعب لبناني "مِش داري بِقْرونو"
جمانة حداد
20-01-2014 02:20 PM
أفهم "العطب" الإنساني. أفهم الإغراءات وعدم القدرة على مقاومتها. أفهم حُرمة الحياة الشخصية، وأفهم أننا جميعاً بشر، ومتساوون في نقاط ضعف هذه الطبيعة البشرية. ليس فقط أفهم هذا كله، بل أحترمه، وأحاول جاهدة أن أمنع نفسي من إطلاق أحكام قيّمة لا تأخذ في الاعتبار هذه الهشاشة التي قد تكون مرآةً لهشاشتي. أفهم ذلك خصوصاً في زمن يُحاكِم فيه بعضُنا البعض الآخر، من دون أن يأخذ عناء وضع ذاته في مكان مَن يحكم عليه. أفهم ذلك في عالم يكثر فيه دُعاة الطهر والأخلاق في الظاهر، بينما يمارسون ما يُسمّونه "الفحشاء" في الباطن. أفهم ذلك في ما يتعلق بقصص الحب والجنس، ورأيي الصريح في هذا المجال هو أن ما يحصل بين راشدَين متوافِقَين (أي خارج إطار الغَصْب، أو المساس بالأطفال) هو شأن هذين الراشدَين الخاص. شأنهما فقط.
أجل أفهم. وأحترم. لكنني أفهم أيضاً أن موقع السلطة أو المسؤولية، للساعين إليه أو المتمتعين به، يتطلّب قدرة على السيطرة على نقاط الضعف هذه، أكثر مما هو مطلوب من الناس "العاديين"، أي من أولئك الذين ليسوا تحت الأضواء أو معرّضين للمحاسبة. للسلطة امتيازاتها طبعاً، ولكن لها أثمانها وواجباتها، بل لها أثمانها وواجباتها في الدرجة الأولى، أو هكذا يُفترض في الأقل. وإذا لم يكن القادة قادرين على التحكّم في حاجاتهم الخاصة، أو على وضع موقعهم ومتطلباته قبل حاجاتهم هذه، فمن الأفضل لهم ألاّ يخوضوا غمار السياسة أصلاً.
سبب هذا الكلام "فضيحتان" احتلّتا الصدارة هذا الأسبوع. الفضيحتان "غراميّتان" وتعنيان شخصيتين من العالم السياسي: الأولى تتعلق بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي انكشفت علاقته السرية بممثّلة، مما أدى إلى تعرّض شريكة حياته لانهيار عصبي. أما الفضيحة الثانية، فتخصّ وزير الدولة الهندي شاشي ثارور الذي انكشفت علاقته بصحافية باكستانية، ما أدى الى انتحار زوجته أخيراً في أحد فنادق نيودلهي.
بينما كنتُ أتابع تطورات الخبرَين أعلاه، كنت أفكّر في الواقع الآتي: نحن، الشعب اللبناني، على غرار شريكتَي الرئيس الفرنسي والوزير الهندي، نتعرض للخيانة و"الزَوْبنة" كل يوم. زعماؤنا "عم يضهروا علينا"، منهم من يفعل بالسرّ، ومنهم مَن يفعلها بالعلن. على عينك يا تاجر.
أجل، نحن الشعب اللبناني "الزوجة المخدوعة" بامتياز. منّا مَن يعرف، فيُصاب بانهيارات عصبية أو "ينتحر" معنوياً. ومنّا مَن لا يعرف، أو لا يريد أن يعرف.
متى نجرؤ على مواجهة خَوَنتنا بدلاً من الانتقام من أنفسنا؟
(النهار اللبنانية)