سأفترض أن كل ما قاله بعض المسؤولين وكتبه ومعلقو الاعلام الرسمي وزملاء لهم في الاعلام الاهلي, هو الحقيقة وهو الصدق وهو البيان المحكم, وان الاعتداء الذي نفذته عناصر القوة التنفيذية – التابعة لحماس - بالتفاصيل التي تحدثنا عنها هو ما حدث, بالرغم من ان ابا ذر الغفاري لم يطلق في غزة دعوة للجوعى والمرضى ان يخرجوا بسيوفهم لانتزاع حقهم المحاصر وخبزهم المنهوب وداؤهم المصادر, اذ لو كان ابو ذر قد فعلها لما رحمناه ولالقينا عليه من الشتائم والصفات والاتهامات ما لم نلقه من قبل على عدو او متآمر.مساء السبت الماضي وعند منتصف الليل اخذت في قراءة الحملة الاعلامية الدعائية التي استهدفت حركة حماس وقوتها التنفيذية, وعندما انتهيت من القراءة فشلت رغم كل محاولاتي في ان اغمض عيني وأنام قريرهما, وأخذت اتساءل: كيف يكون في وسعي انا الموقع ادناه او اعلاه, والمعادي لكل مقاوم ومقاومة ، والحاقد على كل مطالب بالتحرير او متحدث عن قداسة القدس وعروبتها والمتمسك بحق العودة, كيف يكون في وسعي ان اتصدى لجريمة الاعتداء على شاحنات اردنية كانت تحمل العون الانساني لاهل القطاع المحاصرين عربيا وصهيونيا والمستهدفين عربيا وصهيونيا وامريكيا والمقتولين بالجوع وبالظمأ وبالعتمة وبالمرض وبالقهر الذي ما مثله قهر عندما يكون الشقيق وابن العم من يقفان وراءه ويمارسانه ولا يخفيان فرحهما في هذه الممارسة.

اذا كان ما قيل صحيحا حول ان نهب مساعداتنا هو بهدف توزيعها على تنظيم حماس وكوادره فان الزعم القائل ان السلطة الفلسطينية وحركة فتح لن توزعا مساعداتنا الا على عناصرها والمحسوبين عليها, ولا اعتقد ان مثل هذا الهدف موضع احترام من طرفنا, لأننا نرى ان كل اهل غزة في حاجة الى العون والمساعدة, وبغض النظر عن خياراتهم السياسية والفكرية, وان اية محاولة لتوزيع هذه المساعدات بغير هذه الطريق يفسد على صاحب العون عونه وعلى الاخ اخوته وعلى الشهم شهامته, وتتحول هذه المساعدات وفق ذلك التضييق الى رشوة او عامل ضغط نتوهم ان له تأثيراً مباشراً او غير مباشر على الخيارات السياسية والفكرية.

لماذا ردة فعلنا على ما حدث بهذه الحدة والعصبية؟ ولماذا لم تكن ردة فعلنا على تدمير بغداد واحتلالها تقترب من شدة ردة فعلنا على نهب حمولة عشرة او مائة شاحنة اردنية؟ وهذه الاقلام الحاقدة على كل موقف شريف ونظيف لبلدنا, لماذا تمارس عملية تشويه مواقفنا, كأن الردح يحتاج الى موهبة وشتم الناس يحتاج الى عبقرية. لقد خرج علينا حملة هؤلاء الاقلام في حالة غير مفهومة لم يكن مثلها سوى خروجهم لشتم المقاومة اللبنانية بعد تقرير فونوغراد الذي تحدث عن هزيمة سياسية وعسكرية للعدو وعن انتصار سياسي وعسكري لهذه المقاومة.. هؤلاء الكتبة الذين يمتلكون الجرأة ليجلسوا مع الآخرين ولعدم اخفائهم لوجوههم عن اطفالهم الذين سيكبرون ويقفون على انجازات وانحرافات وسقوط ابائهم في خدمة العدو والتآمر على كل ما هو حق وجمال وكبرياء في امتهم العظيمة.

kmahadin@hotmail.com