صلح المدينة في العاصمة واشنطن ؟!
ممدوح ابودلهوم
20-01-2014 03:15 AM
ليس جديداً تاريخياً أو فتحاً معلوماتياً أن من بين الأفارقة الأوائل ، والذين أحضرهم الأمريكان ( الأوائل ) مكبلين بالقيود والصفود عبر البحر من القارة السوداء ، وذلك بغرض إستخدامهم كعبيد للعمل مع السادة في المزارع الأميركية ، والتي كانت اليافطات التي اعتلت الشوارع المؤدية إليها تحمل شعاراً واحداً هو( بدون الفلاح .. الكل جياع ) : .. ( without farmer everybody is hunger)
إلى ذلك ايضاً فليس سراً أنه كان من بين هؤلاء العبيد المستقدمين ، ما يزيد على المائة ألف مسلم منهم القارئ والكاتب ورئيس القبيلة وربما الحافظ والفقيه أيضاً ، ولعل ذلك أقرب ما يكون تدليلا ً على بدايات الإسلام في قارة التفاحة الحمراء أي العم سام ، وإلا كيف نفسر احتفاظ الرئيس الأميركي الأسبق ( توماس جيفرسون) بنسخة مترجمة من القرآن الكريم ؟!
ليس ذلك فقط بل ماذا عن إستشهاده بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأحكام شرعية ، كأن يضمن في إحدى خطبه الشهيرة مثالاً : ( لا إكراه في الدين ) وهي الآية التي تتمتها ( قد تبين الرشد من الغي ) صدق الله العظيم ؟ وماذا عن ذكره أيضاً وفي مناسبة اخرى عن واحدة من مناسك فريضة الحج لدى المسلمين ألا وهي ( أضحية العيد ) ؟!
غير أن الذي يستوي دليلاً أقوى مما سقناه أعلاه ، هو أخذ (الماغناكارتا) من (ميثاق المدينة) أو (حلف الفضول) و (صلح الحديبية) و (بيعة الرضوان) في عهد الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام ، والشاهد هنا هو أن في روح (الماغناكارتا) ما يشير إلى أن واضعيها ، قد استفادوا من السنة الشريفة أو مما يطلق عليه حديثاً و بحسب مصطلحات الليبرالين المحدثين (السياسة المحمدية ) ! ، أو من تجليات وروح القيادة الإدارية للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، تماماً كما أخذوا فيما بعد عن (الفاروق عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه في مقولته (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) ، وذلك في تشريعهم لمواثيق (الكونغرس الأميركي) في غرفتيه أو بشقيه (الشيوخ ) و (النواب) كما جاء في غير رواية .
غير أن ما يعنينا في هذا المقام وعلى وجه الدقة والتخصيص ، هو أن أولئك الاوائل من الأفارقة المسلمين ، هم (أحجار الرحى) ديموغرافياً و جغرافياً في جسد (الدولة الأميركية) أي الولايات المتحدة ، بمعنى أنهم ووفق هذه التخريجة والتي هي بالقطع يقين ما ينقصه اثبات ولا يعوزه شهادة هم البناة الأوائل للإقتصاد الأميركي في جنوب القارة أولاً ثم في شمالها ثانياً ، حين حملوا سواعدهم ومعاولهم وخبراتهم وأسسوا مداميك الرفاه الأميركي الأولى : ( The American welfair ) ..
ولعل تظاهرة المليون مسلم زنجي أميركي African-american)) أو ووفق مصطلحات الأدبيات السياسية ( الأفروأميركي) ، ونعني أولئك الذين وقفوا وقفة واحدة بزي واحد في ساعة واحدة قبل خمس سنين، مقابل مبنى (الكابيتول هول) في العاسمة الأميركية واشنطن ليستمعوا إلى خطاب زعيمهم المسلم (لويس فرقان) ، هم بغير حكم ودونما أي تردد من أحفاد أولئك الأجداد المؤسسين لأميركا اليوم .
أما ما يقال .. خلوصاً .. عن العنصرية وما لفّ لفّها ، كأحداث (لوس أنجلوس) و (الإثنين الأسود) وغيرهما مما يصعب حصره في مقالة سيّارة كهذه ، فذلكم هو مما يحدث في أصقاع كثيرة من العالم الضاج بتلاوين التحولات ، على أن الأهم بعد المهم في هذه الموضوعة الحيوية والمحورية بغير مقياس ، هو أن هناك اليوم أصواتاً عالية عقلانية ومؤثرة أيضاً ، تنادي بعدم التفرقة بين الأمريكان داخل قارة العام سام بعامة ، وبين الغربيين والمسلمين عرباً وغير عرب في الولايات المتحدة بخاصة ، وأن المسلمين فيها لم يعودوا ضيوفاً بل هم من مؤسسيها وبناتها الأوائل !!!