حضرت الحكومة وغاب النواب .. !
موسى الصبيحي
20-01-2014 03:00 AM
كان ملفتاً حدّ الدهشة والاستهجان غياب ما يقرب من ثلث أعضاء مجلس النواب عن جلسة التصويت على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2014، وهو من أهم إن لم نقل أهم قانون يمكن أن يناقشه مجلس النواب ويوافق أو لا يوافق عليه، ومصير الحكومة معلّق عليه، ومع ذلك شهدنا غياباً كبيراً لأعضاء المجلس عن جلسة التصويت على الموازنة..!!
من حق الشعب الأردني الكريم الذي جَهِد لانتخاب أعضاء المجلس مطلع العام 2013، أن يعرف الأسباب الكامنة وراء هذا الغياب الملفت عن حضور جلسة نيابية يمكن أن تُعدّ هي الأهم، وأنا ممن يعتقدون أنها أهمّ من جلسة التصويت على الثقة بالحكومة، نظراً لانعكاسات الموازنة على حياة الناس وعلى التنمية بشكل عام، فهل كان لدى النواب المحترمين الغائبين حُججاً ومبررات قاهرة حالت دون مشاركتهم في الجلسة الأهم..!!؟
أعتقد أن الغياب المبرر والذي يمكن أن نفهمه لا يعدو أن يكون بسبب المرض والاستشفاء داخل المستشفى فقط، وليس ثمّة مبرر للغياب عن جلسة نيابية بهذا الأهمية سوى هذا، أما السفر فليس سبباً مبرَّراً، وأما حالات الوفاة، كوفاة أي من الأقارب ولو من الدرجة الأولى فليس مبرراً للغياب، إلاّ إذا كان وقوع حالة الوفاة في نفس يوم انعقاد الجلسة، وما دون ذلك من أسباب ليس مبرَّراً على الإطلاق، فالنائب يجب أن يكون رتّب مواعيده وأعماله الخاصة بما لا يتعارض قط مع حضوره لهكذا جلسة بهذه الأهمية، ونرغب هنا بعقد مقارنة بين حضور أعضاء الحكومة ورئيسها للجلسة، وبين حضور أعضاء مجلس النواب، فمنْ يريد أن يُناقِش أهم وأولى في الحضور ممن سوف يٌناقَش، مع العلم أن الدستور يلزم أعضاء الحكومة بالحضور إلاّ في حالات الاضطرار.. ومع ذلك يُسجَّل لهذه الحكومة حرصها على الحضور شبه الكامل للجلسة، في حين غاب منْ كان يجب عليه أن يُناقِش، ويعطي الثقة أو يحجبها عن مشروع الموازنة..!
الناس يتساءلون في مجالسهم وحوارياتهم: لماذا يغيب النواب عن اجتماعات مجلسهم، ولماذا تزداد حدّة الغياب عن الجلسات المهمة تحديداً، ووصل التساؤل إلى حدّ التشكيك بقصديّة التغيّب، ومن حق الناس أن يسألوا فهم الذين انتخبوا واختاروا، ومن حق من انتَخَب أن يَسأل من انتُخِب، ومن هنا فإنني كمواطن شارك في الانتخابات ولم يقاطعها أوجّه نداءً عاجلاً لرئيس مجلس النواب بأن يخرج على الرأي العام بتصريح شفّاف، يكشف فيه أسباب غياب كل نائب من النواب الأربعة والأربعين الذين تغيبوا عن جلسة الموازنة، وأن يخبرنا بما تعلّلوا به من أسباب وأعذار، وأن يفصِح لنا عن مدى قناعته شخصياً وكرئيس لمجلس النواب في هذا الأعذار..!!
مرّ مشروع الموازنة دون مناقشة حقيقية جادة لبعض بنوده، متضمناً رفعاً ضمنياً للأسعار على شعب منهك اقتصادياً، وقد أجاز ممثلو الشعب رفع الأسعار على الشعب، وغابت الرؤية، واختلطت الأمور، وتخلّخل الإيمان بالعدالة الاجتماعية وبكرامة المواطن، ولم يعد ثمّة إيمان بوحدة الشعب ومصيره سياسياًَ واقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً وثقافياً..!!
أتمنى على رئيس مجلس النواب أن يستجيب لما دعوته له، فيُصدر بياناً غير مقتضب، يسرد فيه تفاصيل غياب كل ما غابوا فرداً فرداً.. وأن تُبادر إحدى مؤسسات المجتمع المدني لعقد حوارية حسابية عامة معهم ومع ناخبيهم.. فكم نحن توّاقون لمعرفة الحقيقة، والسؤآل الأهم الذي نوجّهه لأنفسنا: لماذا انتخبناهم إذا كانوا سيتغيّبون عن جلسة بمثل هذه الأهمية، حضرت فيها الحكومة وغاب عنها النواب..!!؟
(الدستور)