الموازنة .. تململ نيابي وغياب اقطاب
18-01-2014 06:27 AM
عمون – وائل الجرايشة – تجلى "التململ" النيابي خلال الأسبوع الماضي عند مناقشات النواب لمشروعي قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2014 والوحدات المستقلة.
قلة من النواب تعمقوا في نقاش تفاصيل الموازنة العامة والوحدات المستقلة، بينما استثمر البعض الفرصة للظهور اعلامياً بكلمات "تدغدغ" عواطف القواعد الانتخابية.
اللقاءات التي ناقشت فيها اللجنة المالية تفاصيل مؤسسات سيادية لم تعدو سوى "استعراض" لقوة يسعى لاظهارها النواب امام الشارع حيث لم تصمت اللجنة بعد البحث في ثنايا موازناتها بل ظهرت اعلاميا تطالب بدعم تلك المؤسسات ليتساءل المراقبون "لما اصرت اللجنة على مجيء ممثلي تلك المؤسسات دون ان تحرك فاصلة في موازناتها؟".
تحدث (87) نائباً في ايام قصيرة بينهم مَن القى كلمته على استحياءٍ وتثاقلٍ، حتى أن النائب خميس عطية صعد المنبر لثوان معدودة اعتذر خلالها للاردنيين عن عدم قدرته على خدمتهم، فيما ذهب النائب رائد حجازين لالقاء ابيات شعر ناقدة تهكمية على الوضع الاقتصادي.
النائب عبد الهادي المجالي اطلّ ليقدم جملة من التحذيرات الهامة عبر فيها عن خطورة الوضع الاقتصادي وانعكاساته على المجتمع، مبديا خشيته من "اهتزاز الدولة" في نهاية المطاف .
فقدان النصاب القانوني للجلسات ظل سيد الموقف مع حرص رئيس الوزراء عبد الله النسور كعادته على الاستماع لكافة الكلمات لخبرته بالنواب الذين ينزعجون من عرض مطالبهم الخدمية ان كان غائباً، ومن باب "درء الانتقادات الساخطة" بقي في مقعده يستمع لكل ما يُتلى وسط انتقادات حادة وخشنة طالت وزارته وصلت حد شخصه بل ان نائباً روى قصة حرّض فيها الاجهزة الامنية على الرئيس كونه لا يسأل فيها.
الملاحظة الابرز تكمن في غياب اللاعبين الكبار والاقطاب في المجلس عن حضور الجلسات احيانا وامتناعهم عن القاء الخطب احيانا اخرى، وسط التجاذبات السياسية الداخلية في البرلمان و"الحرد" و"التعبير عن الامتعاض" مما يجري في المجلس برمته.
هنا خلت الساحة تماماً للبعض من اجل الاستفادة من هذه الاوضاع ليتحركوا ويتقربوا من الحكومة في وقت ما ويهددونها بتعطيل "الموازنة" وغيرها من القرارات الهامة التي تحتاج الى ثقل تصويتي في وقت آخر ان لم تستجب لرغباتهم.
تفادياً للحرج وازاء المأزق الحقيقي البيّن اصرّ رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ومن خلفه الحكومة على الاسراع في اقرار مشروعي القانونين (الموازنة والوحدات المستقلة) لتنحسر المداولات في ثلاثة ايام فقط وهو ما لم يعهده مجلس النواب منذ زمن حيث كانت تمتد الى (5 – 6) ايام كمناقشات الثقة.
وتعتبر نقاشات الموازنة فعلياً بمثابة الثقة للحكومة فاذا ما فشلت في تمريرها فإن مصيرها "الرحيل"، لكن الحكومة كانت مطمئنة رغم التصويت الهزيل الذي حازت عليه الموازنة في نهاية المطاف.
ويرى مراقبون أن رسالة سياسية بعثت بها اطراف نيابية مفادها "الامتعاض" من الحكومة وقرارتها، لذا تسيّد الغياب حال الجلسات فغاب (48) نائبا عند اقرار المشروعين، وهو الامر الذي اعتبره مواطنون ومتابعون في ذات الوقت استخفافاً بالقوانين المهمة في الحياة السياسية والاقتصادية في الدولة.
الرسالة وصلت بتمرير (57) نائباً لقانون الموازنة وكان واضحاً خلال الجلسة الحرج الذي اصاب رئيس المجلس الطراونة وهو يبتعد عن الاعلان عن رقم التصويت على بنود الموازنة اذ كان يعتمد كلمة ب"الاغلبية" لكل تصويت على الفقرات والمواد.
في هذه الاثناء كان نواب ينتقدون الرئيس ويشككون في عملية التصويت بيد ان الطراونة كان يدافع ويبدي انزعاجاً من "التشكيك"، لكن النواب الرافضين للقانونين كان غالبيتهم يتخذون زاوية الميسرة من مقاعد هيئة الوزارة ويظهرون بشكل واضح كمناوئين للموازنة .
لقلة عدد الحضور في الساحات الفسيحة تحت القبة كان من السهل على اي مراقب من الشرفات تحديد النواب الرافضين لهذه الموازنة، ومرّ التصويت في حالة من "الملل" النيابي الواضح.
استعرضت الحكومة ممثلة برئيسها ووزير ماليتها الارقام التي بحوزتها في ظل تجاهل لكثير من المطالب الخدمية وركزت كلمة الرئيس على الارقام اكثر من الرد على ما اورده النواب التي ذهبت بعض كلماتهم للانتقاد السياسي والاداء الحكومي بشكل عام .
كان لافتاً ان الوزارات التي توفد مندوبيها دوما الى شرفات البرلمان لرصد كلمات النواب غابوا هذه المرة، واكتفى الوزراء بحضور الجلسات ما يدلل على اهتمام الوزارات بالمطالب الخدمية التي طرحها النواب.
حالة من "الاسترخاء" الحكومي تعيشه وزارة النسور التي تجيد التعامل مع مجلس يعاني من الوهن في "تكسير" مجاذيف القرارات الحكومية الاقتصادية الصعبة حيث يمضي الرئيس وحكومته في القرارات وسط "تشتت" في العمل النيابي وتفرد البعض "القليل" في الاملاء على الحكومة والسيطرة عليها.
في الختام تلقى الرئيس القُبل وعانقه النواب مهنئين بحصول الحكومة على "الموازنة".