قـانـون طـوارئ اجـتـمـاعـي
عمر كلاب
18-01-2014 02:48 AM
لا يُمكن الاستكانة الى تحليل سريع ومتسرع عن ازمة الغضب العارمة السائرة في شوارعنا واحيائنا تنطلق من سياسي او حراكي او رسمي يتهم فيها الدولة او المعارضة او يسعى الى تسطيح الظاهرة متغنيا بالامن والامان، ولا يمكن الوقوف في خانة الصمت السائدة وكأن الحياة الاجتماعية هانئة ورضّية وان العنف مجرد فقاعة او سحابة صيف، ثمة موت يسير بأقدام مسرعة يجوب الشوارع وثمة غضب مُستعر يطير بأجنحة مفخخة في الاحياء .
ليس من وحي نظرية المؤامرة التاريخية يجب التذكير بوجود جهات او عصابات تسعى الى تفجير السلم الاهلي والامن المجتمعي، وليس تسكينا للحالة الحديث عن مجلدات من الكتب والمراجع والتصريحات التي تحثُ على العنف والتفرقة وتكسير صورة الوطن في ذهن كثيرين من الابناء الذين باتوا لا يرون في الاردن الا ارضا للفرقة والفساد وقتل الطموح والحلم، يتغذى من سلوكات مؤسسات الدولة السياسية “ حكومة ومجلس امة “ تستهتر بابسط قواعد الحياة الاجتماعية والسياسية وتستهتر بمعاش المواطن اليومي .
فالموازنة تحظى بثقة ثلث المجلس وتمشي، ويغيب ثلث المجلس والامور تمشي، ويعارض ثلث المجلس والحياة البرلمانية تمشي، وتمشي الكرامة بمذلة لتمشي، وتمشي المذلة بكرامة وتمشي، ويقف المواطن بين ازمة الحياة وازمة السير ومطلوب منه ان يمشي، وسط الغام يراها واخرى مختفية بين ثنايا حادث سير او مشاجرة بين صغيرين او طالبين او سيدتين في مول او سوق خضار شعبي .
خلال اسبوع واحد يتم اطلاق النار على مطعمين في عمان من اجل الحصول على المواقف التي تُدر ربحا هائلا، ويتم اطلاق النار عشوائيا في الجنوب وتجتاح شمال الوطن حالة غضب وشجار، ويموت طالب بعمر الورد في مؤتة ويُذبح زوج بدم بارد شاءت اقداري السيئة ان ارى طفله في محافظة العاصمة والحبل على الجرار، ولا يستدعي ذلك مجرد مؤتمر صحفي من جهة رسمية واحدة او لقاء من مجموعة احزاب لدراسة الموقف وتقييمه .
ثمة بيئة آمنة لكل العنف في الاردن، عنف لفظي وعنف سياسي وعنف اجتماعي، عنف من كل صنف ولون، شروخات اجتماعية تتصدر المشهد ونتحدث عن التماسك المُجتمعي، شخوص جلسوا على اعلى مقاعد المسؤولية يتحدثون على مواقع التواصل الاجتماعي بلغة تشكيكية مقيتة وكأنهم وحدهم الحريصون على الوطن، متناسين انهم جزء من ازمة الوطن والمواطن على حد سواء، يهرفون بكل سواد اللغة من اجل زيادة الشِق، آملين بمئات اللايكات والتعليقات الغرائزية التي يُطلقها موتورون على مواقع التواصل الاجتماعي .
مجلس اقتصادي اجتماعي انتج حالة من سبات وعاش في سبات دون دراسة واحدة او ورقة علمية تقول للناس تحليلا لما يجري او يقدمون تشخيصا لكل ما يجري، ومجالس محافظات تنتظر رقاع الدعوة الرسمية وتغضب اذا تم تجاهلها من وليمة كبيرة او سندويشة هامبرغر، دون ان تقدم رأيا او مساهمة لوقف نوافذ العنف المفتوحة على كل شطآن الجريمة .
الحوارات البينية بين مكونات المجتمع صادمة وتعليقات المواقع الإلكترونية قذائف من الشتائم وتصريحات السياسيين تخوين وتكفير، ومنسوب الشك والريبة في أعلى مستوياته وبورصة التخوين تحقق مكاسب يومية نتمناها لبورصة عمان وكل ذلك مُحاط بابتسامة الجهات الرسمية وضعف القرار السياسي لقراءة الظاهرة ووضع الحلول لها بداية بإعلان الحرب على العنف على كل المستويات وتغليظ العقوبة وبتر اليد العابثة فنحن بحاجة الى حالة طوارئ حقيقية لوقف العنف والتجاوز على المعايير الاجتماعية والوطنية قبل المعايير القانونية، نعم لقانون طوارئ اجتماعي، ومن ثم تحليل الظاهرة ووضع الحلول لها، فالبداية لوقف المجزرة ومن ثم تحليل اسبابها .
(الدستور)