مشاهد على عتبات الغروب .. *ناهض الوشاح
18-01-2014 02:00 AM
المشهد الأول ...
كومة من التعب تعترض طريق نُعاس لا يأتي والبرد يستلقي على أطرف أصابعها ... ضمّت صغيرها الى صدرها ... لعل دفء مباغت يخطو مسافة على قارعة الجسدين .
مُجرد حلم يراود غيداء وهي شاردة النظرة نحو (جرة الغاز ) الفارغة ... برد مترامي الأطراف ... ليل طول ... دموع جافة لا تمنح اغماضة للعين ... أغطية كثيرة تندس وطفلها تحتها لمزاولة خبئ رأسك في الليل البارد لتكون العائد في اليوم الدافئ.
نام حسن في حضن أمه قبل أن تزوره الملائكه ... وقبل أن تجيبه عن سؤاله .. من هؤلاء الناس الذين يتجمّعون عند المسجد الحسيني ... ؟؟
حناجر فائضة عن الحاجة ... جماهير تزدحم في الشوارع ... فوضى في الحبال الصوتية ... ألسن في متناول الثرثرة على الدوام ... أجساد ذابلة تنادي على غيمة عابرة أن تمطر ذهبا وخبزا.
المشهد الثاني ...
سُعال يرتدي معطف الشتاء ... إنحناء الظهر شعار الأعوام العامرة بالقهر ... تجاعيد الأيام تُرفرف كقبلات صدئة على الشفتين ... لا مفر عندما يقف علي أمام مشنقة البرد ... الصدمة لم تكن كافية حين وجد عتمة فضفاضة بانتظاره ... (وجرة الغاز ) تسد طريق الدخول كمارد يريد سرقة حياتك ... إما أن تكون أو لا تكون ... أشعل كل ما يمكنه إشعاله، سيجارة تلائم من تربوا في بيوت الصفيح ...
أين المفر الآن من صوت إمرأة منفوخة البطن ... تبكي وتصرخ ... البرد يلتهمنا وصاحب البيت يُطاردنا ...
حافي الذهن جلس علي أمام قلق كئيب وحزن عميق يُطيل التأمل بوجه طفل يحمل كسرة خبز .
المشهد الثالث ...
ماكانت الحسناء ترفع سترها ... لو وجدت رجلا بإنتظارها ... يخذلك الآخرون دوما ، يتعلمون في المهد الحبو على القدمين ثم الصعود على الأكتاف ...
تتأبط عبير أطفالها وحقيبتها ... تتمايل الأجساد كحبل غسيل في مهب الريح ... تواصل طريقها حتى تجد نفسها تحت مظلة كشك يبيع الدخان والعدس ...
ما الرابط بين الدخان والعدس ...
قالت في نفسها : لعل الأثنين مصدر دفئ قي الشتاء ..
ماما متى نصل بيت جدي في عمان ؟؟
نظرت حولها ... غبار قارس ... برد يشن حرب ضَرُوس على المنطقة ... عما قريب سيصل خالك ليأخذنا ...
مرة أُخرى نظرت الى العبارة .... نبيع دُخان وعدس ...
لا شيء مهم ... هي أفكار مُعلبة لجيل تمرّس على فكرة العدس يُفيد أكثر من اللحم ...
هل هذه سيارة خالي ... ؟؟
تدخل عبير وأولادها كحشرجة مخنوقة داخل السيارة ... أرواح تائهة تصل الى حيث ترمي بهم يد القدر ... صوت الخال .. ها قد وصلنا ... حفنة بيوت متلاصقة ... درج ضيّق تصعده أجساد لاهثة ... نوبة من البكاء الجماعي بمجرد دخولهم الى بيت الجد ... يحتضن الجد ابنته وأحفاده وُيجلسهم بجانب مدفأة الحطب ... أين زوجك يا بنتي؟؟
وهي غائبة عن الوعي ... بُصاق أو دم مُراق في سورية ... أحمق من يمنح الثقة للخراب
كلوا الخبز يا أولادي ... فالنوم لا يزور الجوعى .