زادت أنباء تعيين شقيق وزير عامل في منصب رفيع من حرارة النقاشات التي كانت بدأت قبل ذلك بفضل نظام جديد للخدمة المدنية .
لا تزال التعيينات في المناصب العليا وحتى الصغيرة , تأتي بوزراء أو أمناء عامين سابقين أو ضباط متقاعدين , غالبا ما يختفي الاختصاص وتنعدم الخبرة في طبيعة واختصاص العمل المسند إليهم , وقد ثبت بالتجربة أن غالبية هذه التعيينات أتت بنتائج عكسية على المنصب العام لعدم قدرة شاغلها وبتنا نسمع من التشكيك في كفاءة بعض كبار موظفي القطاع الحكومي أكثر مما نسمع من إشادة ، وقد رأينا كيف كان تأثير التعيينات الإسترضائية التي تستهدف منح مكافآت لوزراء أو لأصدقاء في شركات كبرى على أداء هذه الشركات وعلى نتائجها ويمكن سرد عشرات الأمثلة على مثل هذه التشوهات .
هناك انطباع عام بأن التعيينات في المناصب العليا وحتى الصغيرة فيها واسطة وأسباب أخرى لا علاقة لها بالكفاءة , ما يضع المناصب التي تشغل من فترة لأخرى في خانة الرفض , وحجج ذلك أنها لم تكن في مكانها الصحيح , ليس من حيث الكفاءة بل من حيث الخبرة , فيتولى طبيب مثلا منصب له علاقة بالمواصلات و يشغل مهندس وظيفة ترتبط بالصحة والرقابة على الغذاء , ويلتحق متخصص في الطاقة أو في هندسة الطرق بوظيفة عليا في غير اختصاصه وأستاذ جامعة يدير مؤسسة معنية بالإستثمار وهكذا .
لا يخفي أي رئيس حكومة توجهاته في تشكيل حكومة جديدة , فهو يصرح على الملأ بأن المناصب الوزارية ستراعي التمثيل الجغرافي , ولا ينسى أن يضيف عبارة تجميلية « تمثيل جغرافي كفؤ» وغاية الانسجام أن ينتقوا بعد ذلك معاونيهم وكبار موظفيهم على أساس هذه الاعتبارات, حتى مطالبات النواب في التعيينات مناطقية لا تحفل بالكفاءة ولا بمعايير القدرة , وهذا لا يعيبهم إذ ينسجم كليا مع الخلفية التي أوصلتهم الى المجلس النيابي..
في الصورة الأوسع , ليس من باب الصدفة أن تجد في دائرة حكومية أغلبية تحمل إسم العائلة ذاته , وحتى في المكتب الواحد , لأن وزيرا أو مديرا عاما يعتقد أنه جلس هنا ذات مرة لا لفضل سوى لأقدار التمثيل الجغرافي فأراد رد الجميل فأصبحت الحكومة تعاني تضخما عدديا ومكانيا كبيرا ومضرا بالأداء لأن التحول إلى الدولة المدنية انسحب خجلا لمصلحة مودة ذوي القربى .
في الدول النامية تشغل المناصب العليا لاعتبارات الولاء للدولة وللوطن , وفي الدول المتقدمة يشغلها من يخدمهما .
(الرأي)