عمون - تاليا نص كلمة النائب علي السنيد في رد الموازنة:
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الرئيس
الزميلات والزملاء الاكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الخطر الذي يحيق بمستقبل الاجيال الاردنية هو اكبر بكثير من اجراءات هذه الحكومة التقليدية، والتي في اطار توليها مسؤولية ادارة الملفات الوطنية الكبرى في هذه المرحلة الدقيقة جنحت للحل الاسهل الذي اعتادته الحكومات السابقة في اضافة مزيد من الاعباء في حياة الاردنيين، واعادت مسؤولية اصلاح خلل الموازنة العامة الى جيب المواطن الغلبان، وهو الذي عانى لعقود من عدم امانة الحكومات في اداء مسؤوليات الحكم، وتطوير مستقبل الاردنيين ، والحفاظ على مدخراتهم الوطنية، وحماية مؤسساتهم العامة.
وما يزال خطر العجز الذي تواجهه الموازنة العامة قائما حتى بعد ان اكل الغلاء جيوب الاردنيين، وارواحهم، باتباع سياسة رفع الاسعار الحكومية في حين يصار للحفاظ على مكتسبات لصوص المال العام الذين اودوا بالبلاد ابان توليهم المسؤولية، ولا سامحهم الله بمال الاردنيين الذي سرق ، وحولهم الى اصحاب ملايين، وسكان القصور، ومن يعيشون وابنائهم، واحفادهم حياة اسطورية في حين يصطلي الاردنيون بالفقر والقهر، والبطالة والغلاء، ويعانون عذابات الحاجة، وقلة ذات اليد، وقد اندرجوا بدائرة الشقاء، وتراجعت قدرة الاردنيين على العيش الكريم.
وحيث يبلغ العجز القائم في الموازنة الار دنية حتى بعد المنح الخارجية بما يزيد عن ثلاثة ملايين دينار يوميا، وهو عجز متواصل، ويزيد في اطار الدين العام، وبقي ثقلا فوق ثقل المنح الخارجية التي تتحكم بقرارنا الوطني، والتي اصبحت البلاد في حالة ارتهان لها .
وقد اقيمت مؤسسات، ووزارات بغرض اقتناص المساعدات الخارجية ، وانتجت مشاريع وهمية، واهداف تخل بمنظومة قيمنا لاستجلاب المساعدات الاجنبية من خلالها.
وما تزال مشكلة الفقر والبطالة في حالة تنام، وتفاقم ، والى ذلك تضخ الجامعات التي اوجدها تجار السياسة ، وقد زادت عن الثلاثين ما ينوف عن المئة الف خريج سنويا في شتى المجالات والضروب من التخصصات التي جرى اختراعها، والتي فرضت على الاجيال الاردنية البطالة، وانشأت جيشا من العاطلين عن العمل لن يصمت طويلا، ولن يسلم امره لحكومات لا تواجه المشكلة سوى بوقف التعييات، وهذا الخطر قادم فهذا الجيل المعطل في ديوان الخدمة المدنية، و قد ناهز اليوم على الربع مليون هو قنبلة موقوتة، وخطر يضربنا في الصميم.
والقضية تخص جيلا كاملا تعلم بشق الانفس، ولم يجد له فرصة في الحياة ، وكان ينظر لحياة وردية على خلفية تلقيه التعليم العالي، والاباء والامهات الذين باعوا كل شيء لاجل تدريس ابنائهم اسقط في ايديهم الا ان هذا الجيل سيكون قلقا اردنيا بامتياز في مستقبلنا ، ولن يصمت على تضاؤل فرصه في الحياة، تماما كما خرجت مناطق التهميش، والتي تجاوزتها حظوظ التنمية الى الشوارع والميادين العامة، ونادت بحقوقها ، وانتصبت على ضفاف جرحنا الوطني.
وسيجد الذين منحوا تراخيص الجامعات الخاصة على عواهنها لاجل الربح المادي انهم انما اورثوا البلاد الاضطرابات والفوضى.
والخلل يستمر مع هذه الحكومة التي هدفت الى تمرير مرحلة الربيع العربي، وهي تفشل كالعادة في اجراء الاصلاحات الهيكلية التي تعيد تصويب مسار السياسات الاقتصادية، ومسار الاجيال الاردنية نحو العمل والانتاج، وحتى انها حكومة لم تستطع ان توقف الانهيار في الجامعات، والتي تحولت الى محظ مسرح للعنف، والشحناء، او ان تحافظ على القليل الذي تحقق من استقرار الوظيفة العامة فقد ادخلت حمى الفوضى والاضطرابات أي هذه الحكومة الى القطاع العام بتضييقها على الموظفين العاديين في مكتسباتهم البسيطة من بدل الاضافي والتنقلات، فلجاؤووا الى الاضرابات والاعتصامات، هذا فضلا عن وقفها للتعيينات.
وهي حكومة في سبيل سد عجز الموازنة حصرت رؤيتها الاصلاحية في ملاحقة الاردنيين في عيشهم البسيط، ، وايضا في اماكن عملهم، وقد افتقرت لوجود برنامج تنموي يراعي حاجة المحافظات التنموية وتوليد فرص العمل فيها .
ولكنها تفشل بالضرورة عن استعادة اموال التهرب الضريبي، وتحصيل حقوق الخزينة العامة من المتنفذين، وابقت على اغلبية المؤسسات المستقلة التي ما تزال تشوه وجه العدالة في الدولة الاردنية، والفساد الذي استشرى ودمر سمعة المؤسسات العامة، واذهب هيبة المسؤول الاردني فلملفه ما يزال عالقا، وما يزال رموز الفساد يتحركون بحرية في اللحظة التي يعتقل فيها من يتجرأ على المطالبة بمحاسبتهم
ولقد جاءت حكومة الخديعة البرلمانية باقل من مستوى المرحلة ، وفشلت في متابعة القضايا الكبرى للشعب الاردني، وفي سعيها لممارسة الحكم بالتفلت من الرقابة الشعبية اضعفت البرلمان، وقد اتخذته سترا تتغطى به في تمرير سياساتها المالية القاسية والتي ذكرت الاردنيين بالجباية العثمانية. وبعد ذلك القت بتبعات ومسؤولية سياساتها على البرلمان، والنواب الذين اصبحوا متهمين شعبيا بانهم لم يقوموا بواجبهم في حماية الشعب من سياستها الجائرة.
هذه الحكومة هي استمرار ممل للحكومات التقليدية، ومنافية للتطورات السياسية المتلاحقة، وفي محاولة منها لاتخاذ صفة برلمانية مارست الخداع السياسي منذ مشاورات الديوان الملكي التي افضت عن تكليف رئيسها بالتشكيل، وكان الخطاب الملكي نص صراحة على النية للتوجه نحو الحكومات البرلمانية المعروفة في الديموقراطيات، والتي تتشكل وفق قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية حيث يطلب رئيس الدولة من زعيم الاغلبية البرلمانية تشكيل حكومة من البرلمان. وهو ما ينقل مسؤولية السياسات الى الشعب الذي انتخب بدوره النواب، وهو الذي لم يحدث فعليا وحسبت هذه الحكومة زورا بانها حكومة برلمانية.
وتمثلت الخديعة الثانية في تشكيلها بطريقة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الاردني اذ جاءت حكومة مضغوطة، وقد جمعت كل ثلاث وزارات بيد وزير واحد للايحاء للنواب بامكانية توزيرهم بعد الحصول على الثقة، وتفكيك هذه الوزارات، ولكي يتم الايحاء لكل نائب بانه قد يكون الوزير المنتظر، وانتهت هذه الخدعة بما جرى حكوميا بتدخل القصر لانهاء هذا المأزق حيث افضى الى صرف النظر عن توزير النواب باعتبار ان المرحلة لم تنضج بعد، وبذلك نفذت الحكومة من مرحلة انبنت على الخداع السياسي لا غير.
ثم حكمت الحكومة بسياسات استهدفت معيشة الاردنيين بكل قسوة، ولم تستمع لصوت البرلمان المعارض، وضربت عرض الحائط بكافة المذكرات النيابية، وامضت سياساتها حتى دمرت صورة البرلمان الشعبية، وهي التي حكمت باسمه، وخالفت توجهاته، وحملته مسؤولية سياساتها، واوصلته الى حد الادانة الشعبية، وهو اسوء ما حدث حيث ان سقوط البرلمان شعبيا يقابله ايقاض الشارع، وفتح الباب للفوضى، والاضطرابات، فحيثما يفشل البرلمان في تمثيل الاردنيين، وتحقيق مصالحهم فسيكون الشارع هو الحل، وتستيقظ الفوضى مجددا في شوارعنا.
ايها الزملاء والزميلات النواب
كنا في السنة الماضية في حالة صراع مع حكومة لا تستمع سوى لصوت نفسها، وهدفت الى ان تضع رأسها في الرمال، وان لا تواجه القضايا الكبرى العالقة في الشارع الاردني، والتي ستعود لتشعل فتيل الحراك مجددا في حياتنا العامة.
وهي الحكومة التي جاءت بصيغة اقل من مستوى التحديات التاريخية التي ستواجه الوطن في ظل تواصل تداعيات الاقليم الخطرة.
وقد اتقن رئيسها حملة العلاقات العامة التي انتهجها في هذه المرحلة باستمرار ادعائه بان هذا البرلمان هو درة البرلمانات، وان هذه الجلسة او تلك لم يشهد لها مثيلا في حياته ، وان هذه الاجواء الديموقراطية لن تتكرر، ولكننا فعليا كنا امام حكومة تتقن لعبة تمرير الوقت على امل منها بانتهاء ازمة الربيع العربي، ولا تؤسس للربيع الاردني، واعادة الدولة الاردنية الى اصولها السياسية الاولى، ولكي تنتج حكومات شعبية تملك من الجرأة والقوة والكفاءة ما تضع به حدا لكل هذا الانهيار السياسي والاقتصادي، وحتى الاجتماعي الذي يضع الوطن على شفير الهاوية.
شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
النائب علي السنيد