حجم المساعدات الدولية والعربية المقدمة للاشقاء اللاجئين السوريين في الاردن لا يصح نعتها بالـ"مساعدات" اصلا ، بل لو كان هناك "ماء" في وجه حكومتنا لقامت باحراقها على بوابات مخيم الزعتري، بدلا من السماح لدول تصفي حساباتها على الاراضي السورية، بتركنا ندفع فاتورة الصراع ولا ناقة لنا ولا بعير ..!
اضحك من كثر الخيبة عندما اقرأ خبرا حول قيام الدولة الفلانية بتقديم 20 كرفاناً للاردن تحت مسمى "مساعدات" للاجئين السوريين، في وقت تمّول فيه نفس الدولة احد اطراف الصراع هناك باسلحة تقدر اثمانها بمئات الملايين من الدولارات !
واخجل من عروبتي عندما تقوم الدولة العلانية، بارسال شاحنة من "البطانيات" والمعلبات التي اقتربت صلاحيتها على النفاذ، لا تزيد قيمتها عن قيمة طعام اوروبي مقدم لكلاب قصر فخامة رئيس دولتها المبجل !
ولان الدم العربي رخيص، فان "فزعة" الدول العربية لاغاثة المنكوبين السوريين مخجلة ويندى لها الجبين، ولو كان الحدث بولاية امريكية او مدينة اوروبية لفتحت قنوات الدول العربية "الترامارثونات" وفرّغت الغالي والنفيس من خزائنها ليرضى عنها الانكل سام، والاعلام الغربي !
سياسة الاردن الخارجية تجاه اللاجئين السوريين تكاد تكون شبه معدومة، والخطاب الدبلوماسي الاردني في كل المحافل الدولية يخلو الا على مضض من ذكر حجم "الكارثة" التي تمر بها المملكة، جراء استيعاب اللاجئين السوريين وكلف واعباء استضافتهم، عدا عن البعد السياسي الذي -بعد- لا نعي حجمه وابعاده !
ترك الامر للاردن وحده يواجه تبعات الكارثة السورية يضع الكثير من علامات الاستفهام، والطلاسم التي تحتاج للفك، لمعرفة اسباب التخاذل الدولي برمته من الوقوف مع الاردن بشكل جاد، فاما ان العالم غير مكترث لما يحدث في سوريا وهو امر ابعد من الخيال لدول تخشى على مصالحها في المنطقة، ومصالح الدولة العبرية التي هي على مرمى حجر من بؤرة الصراع.
او ان الدبلوماسية والاعلام الاردني فشلا بنقل حجم الكارثة الواقعة على الدولة الاردنية، بل وتبعات الصراع الذي قد ينتج ويطال المنطقة باكملها اذا ما استمرت حالة الفوضى التي قد تنتقل في لحظة واخرى خارج الحدود السورية، واهمها لا قدر الله حدودها الجنوبية التي عبر منها حتى اللحظة مئات الاف السوريين، حتى غدا مخيما واحدا اشبه بمحافظة اردنية جديدة بتعداد سكاني ضخم، بل "دولة" مصغرة من اللاجئين الذين يديرون شؤون انفسهم داخل اسوار المخيم !
ثم اين دور الاعلام الاردني؟ الا يرى - مهنياً - (لا وطنيا !) ان تهجير مئات الاف السوريين وتواجدهم داخل مخيمات بظروف انسانية لا يصح اطلاقا تسميتها انسانية، مادة اعلامية بامتياز تصلح للنشر والمتابعة اليومية ؟.
وكيف تغيب كاميرات الاعلام الاردني غير المستغلة الا لتغطية اخبار العلاقات العامة ، والمناسبات التي لا تسمن ولا تغني، وتحركات معالي الوزير، وسعادة النائب، ورقصة سعادة السفير (!) .. عن استثمار الوضع الكارثي داخل مخيمات اللاجئين السوريين (اعلاميا) ، ونقل حجم هذه المأساة بعدسات الكاميرات الى كل العالم ؟
لو وجدت مأساة مشابهة في اي دولة بها اعلام مسؤول او "تجاري" ، لرأيت سيلا من الاخبار والتقارير اليومية المصورة والمكتوبة الدسمة، لتنقل واقع وحجم الكارثة الى كل المحافل الدولية، ولاستطاعت التاثير وتحريك الراي العام العربي والدولي، كدعم لوجستي لوزارة الخارجية المتخاذلة !
يجب على الفور اعلان المناطق الشمالية للمملكة مناطق كوارث، ويجب على رأس الحكومة، التفرغ لو قليلا للسياسة الخارجية ورفع الضغط عن صدور الاردنيين الذين انهكتهم حكايا رفع الاسعار وغلاء المعيشة، والايعاز لوزارة الخارجية وكافة سفاراتها في العالم، بتحريك ملف اللاجئين السوريين واثارته في كل المحافل الدبلوماسية والاعلامية ودوائر صنع القرار الدولية، لتتحمل دول العالم وعلى راسها الدول العربية والاسلامية، مسؤولياتها تجاه الكارثة الانسانية التي يتعرض لها شعب عربي مسلم بات يخجل من امته وعروبته.
ما يحدث في سوريا اليوم، قد يحدث غدا في اي دولة عربية لا قدر الله، فالايام دول، والله يداولها بين الناس، والذين يتفرجون اليوم على اشلاء الاطفال السوريين الملقاة على جوانب الطرقات، قد يشاهدون غدا جثث اطفالهم - لاقدر الله - اذا ظل "الخرس" لغتهم الوحيدة، والتخاذل والتامر موقفهم..!