أمانة المسؤولية .. والإصلاح
عاطف الهباهبه الدعجه
15-01-2014 03:19 AM
الأمانة مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل إنسان يعيش على ثرى هذا الوطن والمحافظة عليها واجبا دينيا ووطنيا يتحملها الجميع مهما كانت مواقعهم لأهميتها الكبيرة في حياة الشعوب ففيها تتجلى المفاهيم والأخلاق الإنسانية الفاضلة ، وذلك فهي من أهم المقومات الرئيسة في حفظ أمن الوطن واستقراره وتقدمه وازدهاره وفيها تتحقق المواطنة الصالحة التي يصبح فيها الإنسان مصدر للعطاء والإنتاج والبناء مهما كانت طبيعة عمله سواء كان موظفا عاما أو خاصا او صانعا او مزارعا ...الخ وفيها تتحقق مكتسبات التنمية الشامله بكل اقتدار لأن الإنسان يعتبر عنصرا هاما في العملية الإنتاجية بكافة جوانبها ، فالمواطنة الصالحه يجب ان تتحقق في نفوسنا ونسعى في تعزيزها على الدوام وان نحسن تربية أنفسنا عليها ، فعلينا ان نعطي الوطن كل ما نستطيع وأن لا نسأل الوطن ماذا أعطانا لأن عطاؤنا له هو عطاء لأنفسنا والذي نحقيق فيه خير الدنيا والآخرة تصديقا لقول رب العزة سبحانه وتعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، وإذا ما نظرنا الى الانجازات التي ننعم بها في هذا الوطن نجد انها تحققت على أيدي الشرفاء من أبنائه ممن حملوا أمانة المسؤولية في أعناقهم وحب الوطن في قلوبهم وفي مقدمتها قيادتنا الهاشمية المظفرة ، وكذلك نجد في التقدم والازدهار الذي شهدته دولا عديدة في العالم كانت المواطنة الصالحة اساسا في تحقيقه لها وللبشرية جمعاء .
اليوم وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تسود هذا الوطن والعالم أجمع والتي تشكل في مجملها تحديات كبيرة لنا أصبحنا نخشى من تأثيراتها السلبية على أمن الوطن واستقراره ، وفرضت على الحكومة مسؤوليات جسام في مواجهتها وفي مقدمتها الفساد والترهل المالي والإداري والذي بإصلاحه يمكننا من تجاوز التحديات الأخرى أو الحد منها ، فالفساد والترهل المالي والإداري هو صنيعة أيدينا حكومة ومواطنين لبعدنا عن جادة الصواب في مسيرتنا وفي مقدمتها تدني مستوى الأمانة في تحملنا لمسؤولياتنا وقيامنا بواجباتنا ، وتتجلى مظاهر الفساد في أمورا كثيرة منها سوء الائتمان والسرقة والرشوة والواسطة والمحسوبية والغش والنفاق ... الخ والذي أصبح ينخر في جسد هذا الوطن ويؤرقنا في معيشتنا وأمننا واستقرارنا والخوف على مستقبلنا ومستقبل اجيالنا ، وهو حديث الساعة في آثاره المدمرة على هذا الوطن وفي كيفية الخلاص منه .
الإصلاح الشامل مطلب من هذه الحكومة وكذلك من الحكومات السابقه وفي مقدمته محاربة الفساد والترهل المالي والإداري ، ويجب ان يأخذ صفة الديمومة والاستمرارية في سياساتها العامه لتحقيق التقدم والازدهار لهذا الوطن ، ولكن الناظر للسياسات الإصلاحية الحكومية يجدها تراوح مكانها وخالية من مضامين الإصلاح الجوهرية ، والقول فيه أكثر من الفعل ، وحديث الحكومة عن اجراءاتها الإصلاحية يهيأ لنا وكأننا نتحدث عن دولة في طور البنيان والتأسيس ، ونحن نعلم ونؤمن بأن الدولة الأردنيه تأسست منذ نشأتها على اسس راسخة ومتينة قوامها أنها دولة القانون والمؤسسات وهذا مكنها من تحقيق الكثير من والتقدم وتحقيق الإنجازات في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتجاوزت الكثير من التحديات والصعوبات في مسيرتها ولم تشهد في تاريخها مثل هذا الفساد الذي نشهده هذه الأيام .
اذا علينا ان ندرك ان الاصلاح المنشود لن يتحقق الإ اذا بدأنا في اصلاح أنفسنا وعملنا على تعظيم الأمانة في قلوبنا وجعلنا من العلم والحكمة هادينا والإصلاح والتطوير هاجسنا ، وآثرنا المصلحة العامه على مصالحنا الشخصية ، والعمل الجاد الدؤوب سبيلنا ، فإن التقدم والنجاح سيكون حليفنا ، ونستذكر قول رب العزة سبحانه ةتعالى : (.... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) ونستذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ان الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) وقول الشاعر في هذا المقام :
يا مالكي أمــــر العباد تذكروا لله نقض الحكـم والإبرام
فستسألون عن الأمانة فأعملوا خيرا ليوم تزاحم الأقدام
وعليه فإن أولى خطوات الأصلاح يجب أن تبدأ بأعادة هيكلة الجهاز الحكومي وتقييم العاملين فيه والتخلص من الموظفين المرتبطين بقضابا فساد أوغير المنتجين منهم والذين يعتبرون الوظفية تشريف لهم وليس تكليف أوغير المؤتمنين على مصلحة الوطن والمواطن ، وكذلك التخلص من الحمولة الزائدة والمعيقة للحركه كما وصفها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله في أحد خطاباته والمرهقة للخزينة ولجيب المواطن ، على ان يكون التخلص منها ضمن خطه وبرنامج زمني ، كذلك يجب ان يكون التعيين والتقييم وخاصه لشاغلي المناصب القيادة قائما على توفر الكفاءة الادارية والفنية وأمانة المسؤولية وصدق الأنتماء للوطن وقائده ، وسوف تكون هذه الخطوة القاعدة الأساس في عمليات الأصلاح والتطوير وبناء جسور الثقة بين المواطن والحكومة واستعادة الدولة لهيبتها ، وهذا ما نأمله ونسأل الله التوفيق .