رغدة، وميريام فارس، وفضل شاكر، و«لعيبة الكورة»، وقارئو البخت، ومفسرو الأحلام، و«دراويش الوعظ» وبكاؤو المجلس العاشورائي، والحشاشون، والعيارون، والعاطلون في بيوت آبائهم، كلهم يسهمون اليوم في تشكيل الوعي السياسي!
لست أسخر، بل أصف لوحة حافلة بوجوه لا حصر لها كثرة، تجلس على مائدة الإعلام والرأي العام. في هذا الجو المجنون، المختلط، المخنوق بالدخان، المهزوز بالأصوات واللغط، والملتهب بالنيران واللهب، تزيغ الأبصار وتتيه العقول، فما تسمع إلا هذيان الحمى ولغة الحيرة.. الغاضبة من جهلها.
هنا تسمع أحاديث عن قرب ظهور المهدي المنتظر، كما قرب ظهور «الخلافة» الراشدة. هنا تخرج من حدود العقل إلى هلاميات وأحلام. هنا يستقيل العقل.
الآن، كل فرد تحول إلى منصة لبث الأخبار عبر جهازه المحمول بيده؛ يصور غيره، يعلق على الصورة، يصور نفسه وهو يفسر الأحداث، ثم يبث هلامياته هذه على الفضاء العام. يعيد الآخرون ترديد خربشاته هذه، تصبح خبرا، يأتي برنامج تلفزيوني يخصص حديثه لتناول «أهم ما قيل في الإعلام الجديد» لزوم مواكبة العصر.
وهكذا في دورة من الخرافات والتفاهات. دورة جنونية مثل ركض قارض «الهامستر» في الدراجة الصغيرة بدأب ونشاط، دون هدف ولا نتيجة!
في هذا الجو لا تعجبوا من تعليقات كهذه:
المغنية وعارضة الأزياء اللبنانية ميريام كلينك أعربت، قبل أيام، عن إعجابها بحسن نصر الله، واصفة من سينتقد موقفها بـ«العلوج».
وقالت كلينك، مؤخرا، على «فيس بوك» باللهجة المحلية: «حلّوا (ابتعدوا) عن السيد حسن نصر الله بقى، إف.. نازلين فيه اتهامات طالع نازل.. إف..».
الأستاذة ميريام أكدت، مع هذا كله، حتى لا يلتبس الأمر على الجماهير العربية قاطبة، أنها ليست مع قوى «8 آذار» ولا مع قوى «14 آذار».
أما الفنانة الثورية السورية (رغدة) فحنقها أعلى وأسطع من ميريام، حيث توجهت إلى «الرئيس» بشار الأسد، مطالبة إياه، في رسالة نقلها التلفزيون السوري، بـ«قتل كل ملتحٍ وإخوانجي ووهابي.. وسحلهم».
غير أن الفنانة المتحمسة للعنف والشراسة، لم تقل لنا هل يشمل أمرها الكاسح الجامح بسحل كل أصحاب اللحى، مفتي الجمهورية حسون، مع «مجاهدي» حسن نصر الله في سوريا؟! ولن نسأل أساسا: هل تباطأ بشار في تنفيذ النصيحة قبل كلام الست رغدة؟
بعيدا عن حديث السلخ والحرق، لرغدة، ولغة الـ«إف» لميريام، أعتقد أن كلام المنجمة جوي عياد أكثر ظرفا - وإن كان ينتمي لهذه اللحظة العجائبية - حيث رأت، بارك الله فيها، في مداخلة هاتفية لها ببرنامج «360» على فضائية «القاهرة والناس» أن الجنرال أحمد شفيق هو من سيمهد لخروج الإمام المهدي، بوصفه من آل البيت (لست أدري ما هو الرابط؟!) وأن مكالمتها الهاتفية هذه ستهيج العالم، وأنها لن تراهن بمستقبلها إلا وإن كانت متأكدة من معلوماتها.
لا تسخروا من أحد، حفلة الجنون تعم الجميع، والشاذ من يفكر خارج منطقها. أخرجوا العقلاء من قريتكم.
(الشرق الأوسط)