أبعاد ما قبل وما بعد زيارة الملك
عمر شاهين
03-03-2007 02:00 AM
انتظرنا يوم الجمعة بفارغ الصبر لنستمع لحديث جلالة الملك عبد الله الثاني للتلفزيون الأردني لنقرأ أبعاد الزيارة وننال الخبر اليقين حول الانتخابات .وقد جاء اللقاء كم توقعنا فالملك دوما معنا ويعمل لصالحنا ولصالح السلام العربي .
فقد تمكن جلالة الملك عبد الله الثاني من قيادة الفكر الوسطي في الوطن العربي ،فبعد تجسيد الحرية في الوطن سعى إلى إحلال السلام على هذه المنطقة التي تُستزف منذ سنوات طويلة.
فقد قرر الملك إجراء الانتخابات النيابية والبلدية ليشرك الشعب بالمرحلة السابقة ودعا جلالته ليتحمل المواطن الأمانة الانتخابية التي توضع في رقبته وهي أمانة وطنية ودينية سوف يجني ثمارها في المرحلة القادمة والتي تحمل معها صعوبات بالغة ، وهي أيضا أمانة شرف لأن ضمير المواطن في تقيم المرشح يجب أن يبعث من وعي الشعب في أن الانتخابات القادمة يجب أن تقدم النخبة المتمكنة والواعية لشؤون الوطن والشعب ، وهذا ما يؤكده الملك دوما في أن يقفز المواطن على المصالح الأوانية والعشائرية والنفعية؛ التي تقدم القليل وتحرم من الكثير ، فيجب أن يكون المواطن عامل إيجابي في تقديم النائب صاحب الخبرة والكفاءة والأمانة ؛ لأن المجلس البلدي أو النيابي سوف يتحمل المسؤولية والمشاركة في إنقاذ الوضع الاقتصادي المتأزم، سيما أن الوضع العربي يعيش حالة توتر كبيرة تحتاج لمن يتحمل المسؤولية .
يقفز الملك دوما عن لغة الشعارات الفارغة التي تلعب بمشاعر الشعوب دون إيجاد قوة تأثير حقيقة ،فالقرار يطبخ في واشنطن، وهذا ما سيستغله جلالة الملك في إيصال صوت الاعتدال العربي الذي يعاني من التعنت الإسرائيلي الرافض للسلام المشترك وهذا ما صرح به جلالة الملك للتلفزيون الإسرائيلي قبل عدة أيام عندما تحدث المحاور عن رفضت حماس الاعتراف بإسرائيل فرد عليه جلالته بأن هناك قوى وأحزاب كثيرة في الداخل الإسرائيلي ترفض السلام وأخبره أن محمود عباس يريد السلام وهذا يكفي كرئيس دولة متفق عليه ومنتخب ديمقراطياً.
يتعامل جلالة الملك مع واقع مفروض وقوى مؤثرة لا يمكن تجاهلها في أي حل قادم وبما أن العرب لا يملكون قوة الضغط الفعالة على أمريكا أو إسرائيل فالحل الوحيد هو كسب الكونجرس الأمريكي للضغط على الإدارة الأمريكية ،فخطابات الشعارات لن تقدم أو تؤخر بل تعتبر ابر مخدرة وتأجيل للحل الحقيقي ، فهذا الوضع المشتعل يضر بالعرب أولا سيما الفلسطينيين الذين أهلكهم الحصار الذي سبقته أزمة انتفاضة الأقصى التي كلفت الشعب الفلسطيني ستة عشر مليار .
الفرصة الآن هي الأقوى فالحزب الديمقراطي الرافض لسياسة بوش وحزبه الجمهوري المتعاطف أكثر من الواجب بكثير مع التعنت الإسرائيلي ،بعد اتفاق مكة وتشكيل حكومة وحدة فلسطينية والساحة الداخلية تفتح أكفها للسلام المنشود وهذا ما سوف يعكس أي حل إيجابي ترغم الإدارة الأمريكية إسرائيل على تقبله .
وتتزامن هذه الزيارة مع الاتفاقات السعودية الإيرانية التي تسعى لإنهاء الحالة اللبنانية والعراقية التي قد تظهر نتائج ايجابية تؤدي إلى اتفاقات تشبه اتفاق مكة سيما أن إيران في وضع محرج وتحتاج لاصطفاف العرب بجانبها وعليها أن تقدم تنازلات تجعل من العرب تقديم دعم لها ينقذها من ضربة أمريكيا قد تكون وشيكة تدمرها وتنقل أثارها إلى هذا المنطقة .
الملك عبد الله لا يحمل أي تنازل للغرب بل يطلب منهم تحقيق سلام ينعكس ايجابيا على الجميع بما فيهم الإسرائيليين أنفسهم ،فالملك يريد استغلال هذ الفرصة قبل أن تنهار حكومة أو لمرت التي تتساقط وقد يتراجع حزب كاديما ، ويحل محله كما هو متوقع حكومة مكونة أو مسيطر عليها من الليكود الصهيوني والذي سيسعى إلى إشعال الساحة الفلسطينية .
إن تفعيل السلام في هذا الوقت سوف ينقذ المنطقة من خطر قادم؛ فعمليات الحفر بجانب المسجد الأقصى ورفض حكومة وحدة فلسطينية حصلت على تأييد عربي أخرجها من القفص الإيراني،وإجراء مناورات قد تكون استعدادا لهجوم قادم جديد على لبنان لاستعادة الكرامة والخلاص من حزب الله سوف يعود على الشرق الأوسط بنتائج كارثية ، لذا سيسعى جلالته جاهدا لإنقاذ هذا التدهور .
بالنسبة للشأن العراقي فجلالته كان من أكبر المحذرين للحرب التي غيرت موازين الساحة العراقية وخنقت عروبة العراق وجعلته مقيدا بالسيطرة الإيرانية وملجأ أمنا للقاعدة التي قدمت إليه من عدة أماكن .
وكان الملك عبد الله دوما على رؤية لمستقبل الوضع العراقي الذي أصبح ساحة للنزاع الإيراني و الأمريكي على حساب الشعب العراقي ولطالما حذر الملك من إقصاء سنة العراق الذين وقعوا ضحية لعصابات الموت ،وطالب بإشراكهم فعليا في العراق الجديد ، ليكونوا شركاء لا أن يعاملوا كخصوم .
ومع ذلك وطد علاقته مع الحكومة العراقية الجديدة ولم يبخل عليهم في النصائح والدعم فاسقبلهم عدة مرات لإجراء حوارات قد تؤدي إلى إنقاذ قبل أن نتكلم عن استقرار للوضع العراقي ، سيما أن الأردن يستقبل ما يقارب المليون من الشعب العراقي .
طبعا لن ينسى الملك الوضع اللبناني الذي يوشك على الاشتعال فهو يرفض هذه الأزمة التي تزداد اتساعا يوما بعد يوم ولا يختلف حالها استراتجيا عن العراق ، لأن الطوائف اللبنانية أجمع تسير بمخططات خارجية.
الوضع خطيرٌ جدا والأحداث تتسارع وأمالنا معلق بعقلانية أمريكا جديدة تتخلى عن الانصياع وراء الاستعلاء الصهيوني لإنقاذ آخر فرص السلام وإتباع رأي هذا الملك الحكيم الذي ورث حكمة والده رحمه الله .
Omar_shahen78@yahoo.com