النائب بين الدور الرقابي والدور الاجتماعي
د. عادل محمد القطاونة
13-01-2014 03:30 AM
تفيد آخر الاحصائيات غير الرسمية بأن النائب الأردني يتلقى يومياً أكثر من عشرة عزائم على الغداء ومثلها لوجبة العشاء !! كما تفيد آخر المعلومات بأن النائب الأردني يقوم يومياً بزيارة ما لا يقل عن ثلاث بيوت للعزاء !! كما توجه للنائب مئات الدعوات سنوياً لجاهات زواج أوطلاق أو إصلاح !! كما أن النائب الأردني مدعو وبشكل مستمر للظهور الاعلامي والتلفزيوني فالقنوات الفضائية تفخر بأن أغلب مقدمي برامجها أو من تستضيفهم في قنواتها هم من النواب !
يرى كثير من المتابعين أن الدور الاجتماعي الملقى على عاتق أعضاء مجلس النواب يفوق بأضعاف الدور الرقابي والتشريعي والذي هو أساس عمل النائب ، إلا أن النائب وبعد وصوله إلى قبة البرلمان يدرك وبما لا يحمل الشك أنه سيقع ضحية لشلال من الدعوات ومع تزايد حجم الدعوات العفوية وغير العفوية يضطر البعض منهم إلى تغيير رقم هاتفه النقال أو تسليمه لأحد المرافقين للإجابة عليه !!
ليس دفاعا عن النائب وهو أولاً وآخراً مواطن أردني له من الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور الأردني إلا أن المواطن الأردني هو من يحمل النائب هذا الدور الاجتماعي مما يدفع البعض منهم إلى تجنب الدور الاجتماعي اللامتناهي في حالات عديدة !! إلا أن المشكلة الأكبر في كل هذا وذاك تكمن في أن الدور الإجتماعي قد يسهم في بعض الحالات من إضعاف الدور الرقابي للنائب !!
لقد أفرز المواطن الأردني بطريقة أو بأخرى مجلس النواب الحالي بإيجابياته وسلبياته عبر مشاركته أو إحتجابه عن المسرح الإنتخابي ! فمجلس النواب هو الممثل الشرعي للمواطن الأردني على الرغم من تحفظ فئة كبيرة من أبناء الوطن على هذا التمثيل ولعل المفارقات في دور النائب على أرض الواقع تعود في جزء منها للمواطن ، فالمواطن يريد من النائب أن يمارس الدور الرقابي على السلطة التنفيذية والمواطن نفسه يطلب من النائب أن يوظف له ابنه لدى السلطة التنفيذية ويكون الطلب عادة على هامش اللقاء الإجتماعي من غداء أو عشاء !! وبين قبول النائب ورفضه للدور الإجتماعي المعروض تصبح معادلة الوطن والمواطن في مهب الريح ! فتغليب المصالح الشخصية على حساب المصالح الوطنية قد تشكل الفيصل في عدم تهجم الدور الاجتماعي على الدور الرقابي !
لقد تعرضت المجالس النيابية عبر السنوات السابقة لسيل من الشتائم رافقها فيض من الإتهامات والتشكيك في مصداقيتها مع الوطن والمواطن وطالب البعض الآخر بإسقاط مجلس النواب في كثير من المناسبات ! ولعل المجلس الحالي ليس بأفضل حال ممن سبقه فبعض المشاجرات وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية في بعض القوانين بات العلامة الفارقة في شك المواطن الأردني بأن بعض أعضاء مجلس النواب يعملون لصالح المواطن ! وهذا ما دفع بعض المواطنين إلى تحقيق الفائدة عبر الإستغلال الأمثل للدور الإجتماعي للنائب لجني بعض المصالح الشخصية ضارباً بعرض الحائط أي مصالح وطنية.
إن رجاحة التفكير وسداد الرأي والنظرة الشمولية والموضوعية والقرب من المواطن الأردني بإتزان وتغليب المصلحة العامة هي ما يزيد من ثقة المواطن بمجلس المواطن إن صح الإشارة إلى مجلس النواب تحت هذا المسمى حيث تزايدت القناعة لدى المواطن الأردني بأن هناك ضرورة لتطوير القدرات المؤسسية للدولة وعلى رأسها مجلس النواب لأن لمجلس النواب دوراً هاماً وأساسياً في تحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية وتنظيم القطاعات المختلفة للمجتمع، وفي ضمان حكم القانون وحماية حقوق الملكية، وشفافية السياسات والإجراءات وعدالتها ومكافحة الفساد.
ختاماً لا يستطيع أحد أن يغفل أهمية الدور الإجتماعي للنائب ولكن إتزان هذا الدور يعتبر من الأهمية في هذا الوقت حتى تبقى صورة النائب كما هو مقدر لها في تحقيق التميز لمشاريع القوانين الناظمة لحياة المواطن الأردني فينتقل الدور الاجتماعي من حالات فردية لحالة مجتمعية من خلال تحقيق الفائدة عبر مناقشات جادة لمواد القوانين التي تكفل العيش الكريم للمواطن ، ومراقبة الأداء الحكومي دون أي ضغوطات تسهم بشكل كبير في إضعاف الدور الرقابي للنائب.