"العشائرية بريئة من العنف الجامعي ولا يجوز ربط اسمها بالعنف في بلد بني بقوة تماسك مكوناته وترابط أبنائه وتوحدهم في مواجهة الإخطار وتحمل الصعاب لبناء دولة ذات سمعة طيبة عبر التاريخ". من أقوال الروابدة.

طاش سهمك أيها السياسي المحنك هذه المرة، إذا لم تكن العشائرية وأختها المناطقية وابنتها الجهوية هي المسئولة عن العنف الجامعي وتوأمه المجتمعي، فمن هي الجهة المسئولة عن ذلك؟ دلنا عليها حتى نتمكن من ربطها ووأدها في مكانها!!!

ولا بد من تذكير ذلك السياسي الذي تطلق عليه العديد من الأوصاف مثل المخضرم والبلدوزر والمحنك ... الخ، إلى أن كل المشاجرات الجامعية التي حدثت وما زالت تحدث، أن محركها الرئيس هو العشائرية والمناطقية والجهوية، فكيف لك أن تقنع مواطنا بسيطا أن مشاجرة بسيطة بين طالبين لأسباب تافهة تستدعي كل قوى المد العشائري لهذين الطالبين بحثا عن الانتقام وخشية أن يلحق العار بابن العشيرة، كي لا يقال أن فلانا من العشيرة أو المنطقة الفلانية تعرض للضرب ولم تثأر له عشيرته، والشواهد على ذلك كثيرة وما زالت وستبقى نارا تحت الرماد تثور في وجه المجتمع كلما دق الكوز بالجرة.

لا حاجة لنا أن نستذكر كل الأحداث أو المواقف التي حدثت في هذا الشأن، خشية أن ننكأ جروحا نحسبها انطفأت، فيكفي أن يستذكر صاحب المقولة أعلاه، عندما تعرض لحملة تشهير به من قبل بعض النشطاء الباحثين عن الشهرة، كيف أن أبناء عشيرته ومنطقته تصدوا لهؤلاء النشطاء بالضرب والتكسير أمام الكاميرات ووسائل الإعلام التي نقلت الحدث بالصوت والصورة، ثم تحركت بعدها عشائر النشطاء في موقف مساند لأبنائهم، انتهى بعدها الحدث باسترضاء أحد هؤلاء النشطاء وتعيينه في منصب حكومي رفيع.

أما الدور السلبي للعشائر فلم يقف عند هذا الحد، بل تجاوز الأمر أكثر من ذلك، فبتنا نرى العشائر تساند أبنائها الخارجين عن القانون في حال تعرض احدهم للتوقيف من قبل الأجهزة الأمنية، حيث كل يوم تسمع قصصا وأحداثا تؤكد ما نذهب إليه، وهذا الأمر ليس بحاجة إلى حكيم يستنبط ذلك فهو حقيقة واقعة، ويكفي واعظا أن نطلع على أخبار الصحف والمواقع الالكترونية لهذا اليوم لنعرف ذلك.

التساؤلات كثيرة في هذا الأمر، ومنها من الذي شجع على ذلك، ولماذا تحول الدور الايجابي للعشائرية إلى سلبي يكاد يعصف بمنظومة القيم والاستقرار الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وأحيانا بين أفراد العشيرة الواحدة، ولماذا تساند بعض العشائر أبنائها الخارجين على القانون، وأين كانت تلك العشائر عندما كان أبناؤها يمارسون السطو والسلب والنهب والقتل بحق الآخرين، ولماذا لم يأخذوا على أيديهم، أم أنهم أصبحوا ألان وبعد إلقاء القبض عليهم مجرد أبطال وفاتحين، ولماذا يتوسط نواب ومسئولي المناطق لأبناء مناطقهم وعشائرهم في الجامعات عندما يتعرضون للفصل من الجامعات جراء مشاجراتهم وتصرفاتهم غير المقبولة؟؟؟
بالتأكيد عندما تعجز الدولة عن بسط سيطرتها على كافة مناطق المملكة، وعندما تكون الحكومة انتقائية في تنفيذ القانون، وعندما تصبح الأجهزة الأمنية مجرد عشيرة تسير جاهات وتأخذ العطوات وتطيب الخواطر وتقيم الصلحات، والأهم من ذلك عندما تبقى الحكومة وأدواتها تمارس التحيز والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد ضاربة بعرض الحائط كل الحقوق والواجبات التي نص عليها وكفلها الدستور مثل المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وتعمل على تعطيلها بشتى الوسائل والطرق... الخ، وعندما تقف الحكومة وأدواتها موقف المتفرج على ما يحدث، ولا تتدخل إلا عند تهديد مصالحها، فالمواطن بالكاد يعنيها، إلا عندما يتعلق الأمر بموازنتها وكيفية الصرف على أباطرتها، عندها سنعود إلى شريعة الغاب، حيث القوي يأكل الضعيف، فان ذلك بالضرورة سيدفع بالعشائر لتحصين نفسها من الكيد والقهر وتحصيل حقوقها التي عجز عنها القانون.

منظومة الحلول موجودة وجاهزة للتطبيق، لا أن تبقى مجرد شعارات مفرغة من مضمونها، يتغنى بها المسئولين على المنابر التي أتاحها لهم الحظ في غابر من الزمان، كل ما نحتاجه فقط هو تفعيلها بعدالة وهذا يستلزم بالضرورة إرادة حقيقة، وألا سنجد أنفسنا أمام مجتمع مفكك من كافة النواحي، لا يردعه رادع من دين أو خلق.