تنبري مبادرة «زمزم» -بكل وضوح وصراحة- بإعلان تمسكها بالاسهام بحمل المشروع الوطني، والعمل على حشد الطاقات وتجميع الكفاءات الوطنية القادرة على إتمامه وإنجازه، بما يحقق طموح الشعب الأردني بالتقدم والرفاه، وصيانة مستقبل الأجيال عبر الإستثمار بالإنسان الأردني، ومن خلال إشعال جذوة الحماس وإلهاب مشاعر الإنتماء الوطني في ميدان التنافس على البناء وخدمة الأمة، بعيداً عن الأنانية وتحصيل المكاسب الشخصية.
العمل الجاد على حمل المشروع الوطني وانجاحه؛ يقتضي البدء في بلورة مشاريع الإصلاح، ومحاربة الفساد، وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية في هذا السياق على طريق التمكين المجتمعي، بالتعاون مع كل المواطنين المخلصين لهذا الثرى الطهور،دون تعصب او انغلاق، لأن ذلك يمثل المنهجية الصحيحة التي يقرها الدين والعقل والفطرة، ويمثل الوطنية الحقيقية بعمقها وأصالتها، وغاياتها النبيلة، وتمثل ثمرة العلم والتدريب والتأهيل المطلوب في كل المجالات، وعلى جميع الأصعدة ومن كل الفئات والمكونات السياسية والإجتماعية بلا استثناء.
الانخراط في المشروع الوطني لا يعني بأي حال من الأحوال التناقض مع المشاريع النبيلة السائدة، ولا يمثل ذلك تعطيلاً لها ولا إعاقة، لأن بناء الدولة الأردنية القوية المزدهرة ليس حجر عثرة أمام تحرير فلسطين ،ولا يتعارض مع الجهود المبذولة على هذا الصعيد،ولا يصادم فطرة حب الارض، ولا يحول دون التمسك يحق العودة الى الارض المحتلة،ولا يمثل إعاقة للمشروع القومي العربي، وليس نقيضاً لمشروع الخلافة الإسلاميّة الكبرى الذي يحلم فيه كثيرون.
إن التناقض المصطنع بين مشروع الإصلاح الوطني والمشاريع السياسية السابقة، ماهو إلاّ وهم في أذهان بعضهم، تسلل إليهم عبر منهجيات مريضة وغير منطقيّة ولا تقوم على أساس صحيح، وقد تسلل إلى عقولهم من خلال تبعيّة ضيقة وعمياء لمشاريع إقليمية، بغض النظر عن مضمونها وغاياتها وسلامة أفكارها، لأن المنطق السليم يفرض القاعدة القائلة: إن الدولة القوية المستقرة، التي تقوم على مجتمع متماسك واقتصاد مزدهر، وتعليم مثمر ومناهج سليمة، وتنمية متصاعدة، وجيش قوي وأمن حقيقي؛ هي وحدها القادرة على تقديم الدعم والمساعدة للأشقاء والأصدقاء، وهي وحدها التي تمثل اللبنة الصالحة في الجدار العربي الإسلامي المرصوص، الذي يقف سدا منيعا أمام الغزو الخارجي، والذي يستطيع الصمود في وجه المؤامرات الدولية، والمنطق السليم يفرض كذلك أن الدولة الضعيفة التي يسودها التفكك وتعمّها الفوضى، وتفتقر إلى الأمن والاستقرار، ليست قادرة على حماية نفسها فضلاً عن تقديم العون والإسناد لغيرها.
إن الذين يعمدون إلى إعاقة المشروع الوطني، من خلال إطلاق الاتهامات وبث الشائعات، والنعت باوصاف الإقليمية أوالرمي بالتعصّب ! فهؤلاء احد فريقي:
فريق ذهب ضحية الوقوع في فخ التضليل، والتعمية والتجهيل، الذي يمارسه العاجزون عن مواجهة الفكرة بالفكرة والحجه بالحجة، فيلجأون إلى حرب التشويه الإعلامي، وإيجاد الانطباعات المغلوطة لدى العامة! بالمسارعة بإطلاق الإتهامات والاستغراق في الشكليات والبحث عن الشبهات،والاكثار من الافتراءات!
وفريق يحمل العداء والخصومة للمشروع الوطني بشكل حقيقي وفعلي، ويعمد إلى طمس معالمه، وتشويه معانيه، وعرقلة نضوجه، وتحطيم قوائمه، بكل السبل المتاحة ماديّاً وسياسيّاً وإعلاميّاً، والاستثمار في مادة التعصّب والفتنة، لغايات مشبوهة،واجندات مخفية!!
آن الأوان للسياسيين والمثقفين والمتعلمين، وكل أصحاب الخبرة وحملة الهم الوطني من أبناء هذا الوطن، أن يسارعوا إلى الانخراط في مشروع الإصلاح الوطني الشامل، ومبادرات البناء والتنمية، وفقاً لرؤى علمية ناضجة، واستراتجية وطنية بعيدة المدى، تستلهم الخبرة، وتستعمل سلاح الإيمان المصحوب بالعقل والعمل الجاد، والتخطيط الذكي، بعيداً عن الجعجعة الفارغة، والشعارات الرنانة، وبعيداً عن ثقافة الإنسحاب من المجتمع والانعزال عن الناس، والشروع باكتساب الخبرة وإعداد الأجيال لإدارة شؤون دولتهم و مواردهم واستغلال قدراتهم بطريقة إيجابية ،على طريق بناء الدولة الحديثة، وفقاً لأرقى معايير الخبرة البشرية، وما توصل إليه العلم والعقل والاسهام بتحقيق النهضة العالمية المعاصرة.
(الدستور)