ماذا عن اللاجئين السوريين إذا تعثر "جنيف2"؟!
جميل النمري
10-01-2014 02:54 AM
كنت الأسبوع الماضي في زيارة لمخيم الزعتري الذي يضم حوالي 130 ألف لاجئ سوري، وهو الآن ثاني أكبر مخيم لاجئين في العالم. ومع أن السيطرة الأمنية، والتنظيم، والخدمات، تحسنت كثيرا، إلا أن بقاء آلاف العائلات في خيام تمتد على مساحة عشرات الكيلومترات المربعة في الصحراء، لا يمكن تخيله إلا كحالة مؤقتة جدا. وما لا يمكن تخيله أيضا، هو أن تستضيف المدن والبلدات الأردنية المزيد من الأفراد والعائلات اللاجئين، وهم وفق إحصاءات تقريبية، يزيدون على ستمائة ألف شخص. وهناك مثلهم تقريبا من الموجودين بصفة عادية من السابق، أو بالعبور الشرعي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
الآن، يشكو الأردن بغضب من قصور المساعدات عن تغطية الاحتياجات. وغداً، مع إطالة أمد النزاع وتدحرج الحل السياسي بين أخذ ورد، لنا أن نتوقع تباطؤ الفزعة الخليجية والدولية، وتضاؤل الحوافز السياسية للدعم، فيبقى الأردن متورطا في المسؤولية. وهو، بالطبع، لا يستطيع تمويل طعام واستهلاك مئات آلاف الأسر التي سيتحول أبناؤها إلى البحث عن العمل، بما في ذلك عمالة الأطفال. مع العلم أننا نعاني سلفا من العمالة السورية المنافسة في كل مكان.
منذ البداية، كان هناك خلاف حول التعامل مع قضية اللاجئين. وتولد لدى الرأي العام انطباع بأن السياسة الحقيقية المعتمدة هي الترحيب باللجوء، بحجة أن القانون الدولي لا يسمح لنا بالامتناع عن استقبالهم. وقد عقد مجلس النواب جلسة خاصة لمناقشة موضوع اللجوء السوري. لكن الجلسة غرقت في المناكفات السياسية، ولم يتم التقدم بحلول سوى الشكوى، أو مطالبة العالم بمساعدة الأردن.
وقدمتُ في حينه اقتراحا لم تجب عنه الحكومة، بينما أخضعه آخرون للتشكيك السياسي. وكان الاقتراح هو أن يغلق الأردن حدوده لإنشاء وضع ضاغط على المجتمع الدولي، لاعتماد صيغة إقامة مناطق آمنة ومخيمات على الجانب السوري من الحدود. وقلت إن هذه تختلف عن فكرة مناطق حظر الطيران لحماية قوات المعارضة التي كان الحديث يدور حولها، وتعني شكلا من التدخل العسكري ضد النظام. فالمناطق الآمنة يجب أن تكون مغلقة عسكريا على جميع الأطراف المتصارعة، وتتم معاقبة كل طرف يحاول دخولها عسكريا، أو قصفها. وتبقى تحت الحماية من قوات دولية، وشرطة محلية معتمدة من الأهالي، بعيدا عن التنظيمات المسلحة.
وقد لفت نظري أن رئيس الوزراء السابق د. معروف البخيت، عاد إلى هذا الاقتراح في محاضرته مؤخرا في الجامعة الأردنية، إذ تحدث عن "محميات إنسانية". وقد تكون هذه التسمية أنسب، لإبعاد كل شبهة سياسية.
ها نحن الآن على أبواب مؤتمر "جنيف2"، والآمال بنجاحه متواضعة. وسنكون أمام احتمالات لجوء مديد قابل للزيادة، فماذا نحن فاعلون؟
لا أرى سببا لعدم المناداة باعتماد محافظة درعا، مثلا، محمية إنسانية، يمكن أن تُقام فيها مخيمات للاجئين تحت إشراف دولي. ويمكن أن يقدم الأردن الحصة الأوفر من قوات القبعات الزرق لها.
وهي ستكون قوات محايدة تماما بين أطراف الصراع؛ لا تسمح بأي عمل عسكري لأطراف النزاع فيها أو انطلاقا منها، وحيث يمكن أن يتمتع اللاجئون بالحماية والعمل، وتلقي المساعدات بين أبناء بلدهم وعلى أرضهم، لحين الوصول إلى حلّ. وأنا لم أسمع عن أي مناقشة جدية للاقتراح على المستوى الدبلوماسي، ولم أر اعتراضات مقنعة عليه سوى التشكيك السريع من البعض في إمكانية تطبيقه عمليا.
(الغد)