القهوة .. هل نحبها أم نحب طقوسها؟
09-01-2014 05:58 PM
ما من شك.. ان القهوة مفردة مهمة في لغتنا وكل اللغات الانسانية... وهي مشروب يحظى بشهرة عالمية تتجاوز كل الثقافات المحلية وموطن الزراعة الاصلي واساليب اعدادها في الموطن الاصلي لزراعتها....
تزرع القهوة في العديد من المناطق الاستوائية في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية مثل اليمن واثيوبيا وكولومبيا والبرازيل.
وتباع القهوة لجميع دول العالم... ويقبل الشباب والكبار على شرب القهوة وبكميات ترقى الى مستوى الادمان... وهناك عشرات الاستعمالات للقهوة اضافة الى شربها...
وتعتبر نكهة القهوة احدى اكثر النكهات تميزا واستخداما في المثلجات والكيك واطباق الحلوى والشوكلاته وغيرها.
ويوجد ثلاث طرق رئيسة لاعداد القهوة؛ الغلي.... العصر... والتقطير.
ويعتبر غلي القهوة الطريقة العربية أو التركية لشربها وتختلف العربية عن التركية من حيث كثافة البن ومدة الغلي... اما الطريقة الامريكية فتقوم على مبدأ التقطير.... في حين ان الايطاليين والاوروبيين يفضلون القهوة المضغوطة (ايسبرسو).
في الثقافة العربية لم تعرف القهوة الا في القرن الثالث عشر.. الا انها اصبحت المشروب الاهم الذي تنتظم حوله دورة الحياة اليومية للاسرة والقبيلة والمجتمع العربي على حد سواء.... ومع ان القهوة لا تحمل في الكثير من بلداننا الجنسية الوطنية لهذه البلدان كونها تستورد ولا تزرع الا ان المجتمعات عملت على ابتداع الطقوس والمعاني والرموز التي جعلت من المحبوبة السمراء مشروبا في غاية القدسية والدلال.... ففي غالبية البيوت العربية يحتفي الرجال والناس بشروق الشمس بإعداد القهوة في طقوس اشبه ما تكون بطقوس عبادة القبائل البدائية.... حيث يخرجون الاباريق والدلال والبكارج النحاسية والفضية المتنوعة... ويتفننون في سكب المياه ضمن مقادير يتخلل عملياتها الزيادة والتنقيص لكميات المياه في الاواني التي يتم تسخين محتوياتها على لهيب المدافئ والنيران والمصابيح والسبيرتات الاكثر تعبيراً عن حجم القدسية التي يمنحها اهالي بلاد الشام لهذا المزيج المقدس الغامض.
وعند البدو يعتبر إعداد القهوة دورا لصيقا بالرجال الذين يستمتعون بخطوات اعدادها بدءاً بتحميص البن ودقه في المهباش وغلي القهوة وتدويرها في الاباريق (الدلال) ومن ثم اضافة الهيل واركاء الدلال على الجمر لتبقى ساخنة لأن القهوة الفاكه لا تقدم.... وتحاط القهوة التي اعدت للتو بأباريق الغلي والسكب والفناجين التي يتم تسخينها بسكب الفنجان الاول وادارته ليذهب برودة الفنجان الذي قد يفسد المذاق لهذا المشروب الذي اعد بعناية جعلت من تناوله رغبة لا يقف امامها عائق.
في الثقافة العربيه تستهل الجلسات وتفتح المجالس ويتم التواصل وتحل المشاكل وتفض المجالس بفنجان القهوة التي يعرف العربي معانيها ولا يجوز له تجاوزها..... يدعى الناس على فنجان القهوة الذي هو عنوان الترحاب...
والعرب قالوا شعرا في القهوة ومعانيها.... العرب لا يشربون قهوة من زاروهم الا اذا لبيت مطالبهم "سميرة توفيق المطربة البدوية...تشدو باغنية صبوا القهوة... وصبوا الشاي... واسقوا اللي زارونا"
القهوة العربية تسكب بكميات قليلة في فناجين صنعت في الصين منذ قرون يقدمها الساكب واقفا.. ويتسلمها الضيف بيده اليمنى.... ويرشفها ثلاث رشفات... ويهز الفنجان معلنا اكتفاءه....
اصحاب الحاجات يضعون الفنجان المسكوب امامهم لافتين النظر الى مطالبهم ومنتظرين الوعد بتلبيتها قبل المباشرة بالشرب.
القهوة محور من محاور حياة الاسرة العربية بالرغم من عدم جاذبية المشروب واثار الاسراف في تناوله على صحة الافراد ونوعية حياتهم.... انا اميل هذi الايام الى القهوة البيضاء والشاي الاخضر.