سُم العنف العصبوي في دسم التعليم الجامعي تدارك الحل قبل تفاقم الحالة
ممدوح ابودلهوم
09-01-2014 04:35 AM
[ ليس ، استهلالاً ، بمكنة أحد منا في هذا الحمى الأردني الهاشمي الكريم ، تصور حالة أسرة يكون ابنها أحد الطرفين ، والذي قد باع أبوه (الدويرة – تصغير الدار بلهجة الأهلين) أو رهن (الوطاة – أرض العائلة باللهجة الأردنية ) أو ربما باع معهما أيضاً ( مونة السنة أو القمحات بحسب الفلاحين) سلفاً قبل الموسم ، بل قد يكون هذا الأب المغلوب على أمر الحال قد حرم ابناً أو ابنة أو جميع أبناءه من نعمة التعليم ..
على أنه و في حالتنا هذه استطاع و بالكاد تدريس أحدهم و أعني هذا الإبن الذي نال الحظوتين معاً الإستثناء و التدريس ، و ذلك كي يكدح و يجد و يجتهد هذا الأحد المحظوظ المدلل رداً لجميل الأب المضحي وعرفاناً بالحظوتين ، بل أن واجبه أو المطلوب منه في أقل تقدير أن يتفوق أيضاً فيرفع رأسه ورأس أبيه وذويه والأدق (يكفيهم شره – وفق قاموس المرحومة أمي) في الغالب الأعم !
غير أن هذا (النظوة) والذي أيضاً حرم فقيراً مستحقاً لم يملك أبوه ثمن مقعده الجامعي،قد ترك كل ذلك خلفه ظهريّا بإصراره فهاههة همالةً وحُمقاً على أن يأتي (براس كليب) ، حين إنضم إلى دستةٍ هم أمثاله من الهمل في عصبيةٍ قبلية أو عشائرية ..
المشهد ذاته و بغير تقييم حين انخرط في تيار من التيارات السياسية و الأدق الأيدولوجية ، ممن زعاماتها أنفسهم لا يحسنون أولاً لثغ الحروف الأولى لمعتقداتهم الحزبية أو السياسية ، أو لعلهم ثانياً ما زالوا إما في مرحلة التأتأة الفكرية أو الحبو السياسي ، و ثالثاً وهو والأهم ينهلون من معينٍ خارجيٍ أي من خارج الحدود بعيداً عن الإصطفاف الوطني ..
و عليه بالتالي فهم و تلامذتهم من هؤلاء (النظوات) راحوا يغردون خارج سرب الوطن ، أو بحسب دولة الرئيس عبدالرؤوف الروابدة يصيدون في واد لا طير فيه كي نحتار فيهم مع دولته بقوله ( احترنا يا قرعا منين نبوسك ) ! ، ذلك أنهم وبلهجة الأهلين يغمسون من صحون الأعدقاء في الجوار أو من صحن بعيد بيننا و بين سيده طلاقٌ بائنٌ عتيق !
من هنا فقد أخطأ هذا النظوة بإنحيازه إلى خيار ما يسمى بالعنف الجامعي الطريقين معاً ، الأولى بتلويثه طهر الساح و الثانية بإصابته نقاء الخطاب العشائري في مقتل ، حين وضع و صحبه طالباً من عشيرة أخرى في إحدى نوافير جامعة رسمية و أشبعوه طعناً وتكسيراً لا ضرباً مبرحاً وحسب ، حتى انقلبت مياه النافورة إلى دماء بريئة تماماً مثل أديم حرم إحدى الجامعات الأهلية ، حين اجتمع طغمة من الهمل تلبيةً لغنج إحداهن فهشموا رأسه ليعود إلى والديه مصاباً بارتجاج في الدماغ !
ما قاله جلالة الملك يوم (25/4/2013) في الجامعة الأردنية مع قيادات التعليم العالي في الأردن وبحضور جلالة الملكة رانيا العبد الله ، حول توجهات جلالته في التأسيس لمرحلة جديدة للتعليم العالي ، وطلبه الحكومة بالتالي إعداد خطة نحو استراتيجية شاملة تطبق خلال السنوات الخمس القادمة ، هدفها الرئيس هو الوصول إلى نظام تعليم يعد كوادر بشرية مؤهلة ، تلبي حاجات المجتمع وتتمتع ( بتنافسية عالية ) على المستويين الإقليمي والدولي ، و أن يصار فوراً إلى تشكيل فريق وطني تكون هذه القيادات ممثلة فيه، يقوم على وضع السيناريوهات المطلوبة نحو إنجاز هذه الخطة خلال الشهرين القادمين .
كل أولئك وهو بالمناسبة يصطف حلقة أخرى مضيئة وباهرة بامتياز ، من حلقات سلسلة الرؤى الملكية الطموحة و الشغوفة أيضاً في البناء على قطاع الشباب ، قد جاء مكملاً بل مشتبكاً ومتناغماً .. في الآن ذاته ، مع حديث جلالته في لقاءه مع شباب كلنا الأردن في البحر الميت قبل الكرنفال الجامعي آنفاً بأيام ، بتناديه جندهُ من شباب الوطن نحو التحرك إلى بدء العمل على واجب تحقيق الذات ، عبر برامج تأهيل يضعونها هم أنفسهم من شأنها أن تمكنهم من القدرة على صنع المستقبل ، بمعنى المبادرة الآن وليس غداً إلى وضع الآليات المناسبة الممكنة والفاعلة أيضاً ، أي خلق المناخات وتذليل العقبات نحو تنمية المجتمعات المحلية كهدف رئيس في نهاية المطاف .
حالة التوهج (الشبابية) المنطلق (الوطنية) الهدف لدى جلالة الملك حفظه الله و رعاه ، و التي راح يتسم بها خطابه الإصلاحي في البناء على قطاع الشباب نحو صنع المستقبل، تستحق منا إمعان النظر والتفكير ملياً قبل أن نضطر إلى خيار (دب الصوت) ، و ذلك بغية الوقوف على البون الشاسع والذي نرجو أن لا يكون عصياً حتى لا نقول مستحيلاً ، بين طهر الخطاب و نقاء الهدف في حالة التوهج الملكية هذه بعناوينها الحضارية ومعادلاتها الوطنية ، وبين ما يجري من شغبٍ في جامعاتنا الرسمية والأهلية سواء بسواء ، نحار في تخيل مرامي هذا الشغب العبثية إن كانت تنتسب إلى أيديولوجيا أو إلى عصبية.. فالأمر سيان كلٌّ إلى خسران ، لكن الخوف كل الخوف من (فوبيا) مواجهة نتائجه الدراماتيكية على الصعيد الوطني شبابياً وتربوياً ، والأهم – وكله ينزل في باب الأهم – الاختلاف حتى العظم تبعاً لذلك في تعريف مركب هذه النتائج الخطيرة ، بين تعريفيّ العنف والإرهاب إن نجحنا في تفكيك عناصر هذا المركب الكيميائية إجتماعياً واقتصادياً وسياسياً و.. البقية تأتي !
من هنا .. فالحديث طويل كسيف وأسيف ، جاء تحذير جلالته بأن (العنف الطلابي خط أحمر ولن نتهاون فيه) ، و هو تحذير ملكي سامق الشأن سامي الغاية والهدف ، يجب علينا (جميعاً) :
آباءَ،وأمهاتٍ،وحكومةً،وبرلماناً،وإعلاماً،ووجهاءَ،وأئمةً،ووعاظاً،وأساتذةً، وأمناً،وأحزاباً،ومصلحين علماءَ .. الخ ) ، تبني خطاب جلالته الوطني ورسالته الإنسانية بكل ما أوتينا من همم وعزمات ، وقبل ذلك وبعده بما لدينا من ضمائر تتوسل القلوب حباً وحناناً والعقول متابعةً وحرصاً ، كي لا تذهب دعوة جلالته أدراج الريح بأن ( التركيز على النهوض بالبنية الفكرية للطلبة ) ، وهي دعوةٌ مهد لها حفظه الله حين جعل سن الناخب (18) عاماً ، وبأن المرحلة الشبابية هي ما بين ( 18- 27 ) عاماً ، ذلك أن جلالته بهذه الدعوة يبني على مليون ومائة ألف طالب على مقاعد الدراسة ، هم جزء من القطاع الشبابي الذي يشكل ثلثي مجموع الشعب الأردني ..
وعليه .. خلوصاً ، وتلبيةً للدعوة وانصياعاً للتحذير واستجابةً لتطلعات جلالته ، نحو شباب هم فرسان التغيير المناط بهم قيادة المستقبل ، وبغية تقزيم الفجوة والأدق محوها بعد قمعها و تذويب البون الشاسع وجعله نسياً منسياً ، بين حالة التوهج الملكي في الاعتماد على الشباب وبين حالة شغب الجامعات ، نقترح البدء فوراً بهبة وطنية قد تكون أولى بشائرها دعوة أهل الحل والعقد والتربية والمشورة و الحكمة والرأي من الأباء الرواد، من كبار رجالات البلاد الذين يؤتى من علمهم ويبنى على حكمتهم الآباء حقاً الكبار حتماً، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الذوات مع حفظ الألقاب : (أحمد اللوزي) و(عبد السلام المجالي) و(عبد الرؤوف الروابدة) و( فيصل الفايز) و (ناصر الدين الأسد) و(عبد الباقي جمو) و(محمد نوح القضاة) و(سعيد التل) و(برجس الحديد) و(عبد اللطيف عربيات) و(أحمد عبيدات) و(محمد خير مامسر) و(طاهر حكمت) وغيرهم وغيرهم ، لإلقاء محاضرات لأبنائهم وأحفادهم في الجامعات الرسمية والخاصة ، نترك أمر ترتيبها للمعنيين الجامعيين الذين لن يعدموا الوسائل ولن تعجزهم القدرات ، إلى ما يمكن منهجته دون تعليق الدراسة فتوضع في خدمته كل الطاقات و الإمكانات ، بما يليق بمستوى هؤلاء الآباء المحاضرين وبما يستحقه هذا الموضوع .. خيراً للحاضر واستشرافاً للمستقبل .]