التضخم يرتفع والدعم يراوح مكانه !
عماد الحمود
08-02-2008 02:00 AM
تعود الحكومة، للمرّة الثانية، إلى توزيع بدلٍ نقدي لغير العاملين في الجهازين المدني والعسكري، ولمن يقل نصيب دخل الفرد وأسرته عن ألف دينار سنوياً؛ من أجل تعويض الفقراء والمعوزين فروقات التعرفة الجديدة لأثمان المشتقات النفطية، بعد أن قفزت أسعارها للمرة السادسة في غضون أربع سنوات. قيمة الدعم مقدارها (25) ديناراً لكلّ فرد تقلّ حصّته من دخل الأسرة عن ( 400 ) دينار سنوياً على أن لا يتجاوز إجمالي التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة ( 150 ) ديناراً، في حين سيكون الدعم ( 15 ) ديناراً لكلّ فرد تتراوح حصّته من دخل الأسرة بين ( 400 ) ديناراً ولغاية ( 800 ) دينار سنوياً على أن لا يتجاوز مجموع التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة ( 90 ) ديناراً، أما الدعم لكلّ فرد تتراوح حصّته من دخل الأسرة بين ( 801 ) دينار ولغاية ( 1000 ) دينار سنوياً فستكون ( 10 ) دنانير، على أن لا تتجاوز قيمة التعويض للأسرة الواحدة ضمن هذه الشريحة ( 60 ) ديناراً.
لم يراعِ هذا الترتيب، نسبة التضخم في السنتين الماضيتين بعد أن فاقت 5.3%، ويُتوقّع أن تصل الى 9% العام الحالي، بحسب خطاب الموازنة، كذلك لم تُحتسب معادلة النسبة المئوية لقفزة أسعار المحروقات، أمس؛ إذ إن أسعار السولار والكاز بلغت أرقاماً لايمكن أن يغطّيها مبلغ 25 ديناراً سنوياً للفرد.
فهل ستغطي الـ 25 ديناراً فروقات تعرفة النقل في الحافلات العاملة بوقود الديزل والتي بلغت 23%، أم فروقات ثمن الكهرباء التي ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً بعد ارتفاع زيت وقود توليد الكهرباء من 165 ديناراً للطن الى 348 ديناراً؟
وهل سيمنع البدل النقدي المذكور الإفقارَ بعد أن ارتفع كيلو العدس (لحم الفقراء كما يقال)، من 45 قرشاً إلى دينار، وسعر باكيت الحليب المجفّف من دينارين وعشرة قروش الى أربعة دنانير و 25 قرشاً، وسعر كرتونة البيض إلى ثلاثة دنانير و20 قرشاً؟ وهل سيؤمّن الحدّ الأدنى من الخضار والفواكة بعد أن ارتفعت الهوّة بين سعر الجملة والمفرّق أكثر من 100% في موسم الصقيع؟
نتذكّر أن الدعم النقدي كان اختفى عام 2007، وأن مجموعه عام 2006 بلغ 55 مليون دينار، وكان لتغطية فروقات أسعار برميل النفط الذي صعد من 40 الى 60 دولاراً، بحسب السعر العالمي، إذ ذاك، فهل تصلح معادلة الـ 25 ديناراً نفسها "لتجسير الفجوة السعرية" للأسعار في الوقت الراهن، إذا ما علمنا أن الزيادة في أسعار السولار تعدت 76%، والغاز المنزلي أو البترولي المسال 52%.
أحد العاملين في محطة للمحروقات تحدّث عمّا تكرّر، في أيام العاصفة الثلجية، من جاءه، يطلب تعبئة عبوّة مياه معدنية فارغة بمادة الكاز، أي أن المشتري حضر بنفسه ليشتري لتراً ونصف فقط ودفع 48 قرشاً ونصف ليملأ صوبة كاز. كم سيدفع وفق التعرفة الجديدة؟ 84 قرشاً؟!
في غياب التدابير والإجراءات الصارمة، تبدو آلية البدل النقدي والإعفاءات الضريبية، غير مجدية، ولا تفي في مواجهة غلاء سيؤدّي إلى تآكل دخول أصحاب الحاجة، وسيتركهم دون ستر في البرد القارس، وسيحرمهم أبسط متطلّبات الحياة، مما يجعل المسؤولية الاجتماعية التي تضطلّع بها الدولة مهدّدة، فكيف سيقتنع المستفيد بما يقبضه وهو يشاهد مستوى الإنفاق العام من حوله؟