جاء الاعلان عن محمية ضانا كعملية انقاذية لمنطقة هددها التصحر واحاط بها الخراب والدمار واطاح باهلها الفقر والعوز فهجروها بحثا عن ابجديات الحياة الاولى متوجهين الى قرية القادسية علهم ينالون حظا من اسس ومقومات العيش بطريقة تحفظ انسانيتهم وابجديات بقائهم, وقد كان لمؤتمر القمة العالمي الذي عقد في ((ريودوجانيروا)) في البرازيل عام (1992) كبير الاثرفي تبني هذه المنطقة وحماية تنوعها الحيوي ونظامها البيئي وذلك بتمويل من المرفق البيئي العالمي الذي انبثق عن المؤتمر. حيث فرض هذا المشروع نجاحات مميزه نظرا لكون خططه مستوحاه من المجتمع المحلي وذلك من خلال الاستعانة بقدراتهم وخبراتهم ليصار الى تأمين دخلا اقتصاديا يضمن لهم اساليب العيش ومقوماتة دون ان ينعكس ذلك سلبا على تنوعها الحيوي والبيئي, حيث تم اعادة اعمار بيوت القرية ومسجدها وعين الماء وشارعها الرئيسي باستخدام حجارتها الاصلية وقد روعي المحافظة على نمط البناء القائم وذلك حتى لايضيع تراثها مع المشاريع الجديدة التي تشهدها المنطقة.
اما بالنسبة للسكان فقد تطلع القائمين على هذا المشروع للنهوض باوضاعهم الاقتصادية وتحسين دخلهم من خلال الاستفادة من مصادرها وخيراتها فمثلا ظهرت صناعة الاواني الفخارية معتمدة على المصادر المحلية من الصلصال والطين, اضافة الى صناعة الحلي والفضيات متخذة من اشكال نباتات وحيوانات المحمية نموذجا لها باستخدام مواد الخام المحلية, كما وعمدت بعض من نساء القرية الى تجفيف الفواكهه وتسويقها, فكانت النتيجة تقدم وتيرة الحياة وعادت الى الناس ثقتهم بانفسهم واصبحت ضانا محط انظار الجميع واهتمامهم.
هذا وقد اقيمت المحمية على مساحة تجازوت ال (300كم2) تباينت في تضاريسها لتصل قممها الى (1500م) فوق مستوى سطح البحر وتمتد الى سهول صحراء وادي عربة يتخللها عدد من الوديان, ومن تنوعها هذا مابين الوادي والسهل والجبل ظهر التنوع الجيولوجي مابين الصخور الرملية مرورا بالحجارة الجيرية وانتهاءا بالجرانيتية بالاضافة الى اكتسابها لتداخلا اقليميا فريدا من نوعه بدأ من اقليم البحر المتوسط وحتى الاقليم الايراني_ الطوراني مرورا باقليم الصحراء العربية وانتهاءا بالاقليم السوداني الذي افرز غنى وتنوع في الانظمة البيئية والانماط النباتية, وبفضل الاختلاف في نسب هطول الامطار ودرجات الحرارة وتباين الارتفاعات لنعكس ذلك على اجتماع الاضداد, فمثلا تستطيع ان تجد اشجار عملاقة من السرو دائم الخضرة ذات الانتماء المتوسطي الرطب ودونها شجيرات صغيرة من الشيح ذات الانتماء للهضبة الطورانية الاكثر حاجة لدرجات الحرارة والاقل طلبا للماء, كما وتجد اشجار البلوط والعرعر ودونهما شجيرات الرتم والصر كما وتجد ان السوسنة السوداء على قصر عمرها نبتت الى جانب شجر البلوط المعمر.
اذن ضانا هي هذا الزخم والتنوع النباتي الذي زاد عن (687) نوعا توج بتسجيل ثلاثة انواع من النباتات لاول مرة في تاريخ العلم اواخر القرن الماضي في العام (1992) وقد حملت اسم ضانا ضمن اسمها العلمي تخليدا لها.وكان من الطبيعي ان يعتاش على هذا الغطاء النباتي غطاءا حيوانيا اكثر تنوعا حيث اكتسب بعضها صفة الندرة وبعضها مهدد محليا واقليميا وعالميا بالانقراض فمثلا تحتفظ ضانا بقصب السبق بتسجيل اول حيوان من الثعلب الافغاني في الاردن, كما وتعتبر اول مكان بنى فيه طير عقاب اسود اعشاشه, ولضانا ايضا الفضل في حيازة اكبر عدد من الكنار السوري الذي يقدر ب (70%) من تواجده عالميا, كما وتم تسجيل مابين (200_ 300) نوعا من الحيوانات اللافقارية ونوعين من الحيوانات البرمائية و (36) نوعا من الزواحف منها اربع انواع مهددة بالانقراض تم ادراجها في الكتاب الاحمر.
اما طيور المحمية فقد زادت عن ال (200) نوع منها (33) ذا اهمية اقليمية وعالمية حيث سجلت بكثافة عددية عالية داخل المحمية, ومن الطيور ذات الاهمية العالمية العويسق والنعار السوري, ناهيك وجود طيور مهددة بالانقراض مثل عقاب اسفع وملك العقبان اما تلك التي على حافة الانقراض فتتمثل بطير مرزة باهتة. وعند الحديث عن الثديات فقد تم تسجيل (45) نوعا منها (12) نوع مهدد بالانقراض وهي ((الذئب, النمر, الوشق, الثعلب الافغاني, الغزال العفري, البدن, القط البري, القط الصحراوي, الثعلب الرملي, الضبع المخطط, الوبر الصخري والماعز الجبلي)).
كما ان ضانا منطقة لاتقتصر اهميتها على التنوع الحيوي بل تعتبر ايضا منطقة غنية بالتراث وعريقة بتاريخها القديم, حيث دلت المكتشفات التي عثر عليها في خربة فينان على استطيان الانسان فيها منذ القرن السابع قبل الميلاد وذلك من خلال النشاطات التي رافقت انسان ذلك العصر من استخراج النحاس الذي لعب دورا اساسيا في حياة الناس منذ الاف السنين ومازالت اثار مناجهم باقية حتى الان, كما وبينت المكتشفات وجود مقبرتين كبيرتين للمسيحيين في الجهة الشمالية والجنوبية للخربة مما يدل على ان المسيحيين قدموا الى فينان باعدا كبيره في بداية اعتناقهم للديانة المسيحية هربا من القمع الذي مورس ضدهم في بدايات ظهور المسيحية في الدولة الرومانية, الا انه هناك رأي اخر يقول بان قدوم المسيحين بهذا العدد ربما يكونوا حجاجا قدموا للصلاة في الموقع بدليل وجود بقايا اسقفية تابعة للبطريركية في مقاطعة فلسطين, اما الرأي الثالث فيقول بان هذه المقابر ربما تكون لعمال مسيحيين معاقبين من الدولة الرومانية بعد اشهار مسيحيتهم, هذا بالاضافة الى العثور على بقايا الانظمة الزراعية المتمثلة بالجدران الكبيرة التي اقيمت لتكون حقولا وتحتفظ بالتربة بالاضافة الى كونها مجمع لمستوطنة مدنية اشتملت على بقايا لبنايات كبيرة وانظمة لشوارع وشبكات للمياه من قنوات صناعية وخزانات. هذه وقد ورد اول ذكر لمنطقة فينان في القرن الثالث عشر قبل الميلاد بنص صادر عن رمسيس الثاني فرعون مصر باسم (b w n w ) كاحدى المناطق التي قطنها البدو واستمر لغاية القرن السادس قبل الميلاد, اما الاسم لخربة فينان فكان اول ذكر له قد تم في (1807).
وعلى الرغم من وسائل واساليب الحماية المتبعة لهذه المنطقة وفتح المجال لممارسة النشاطات البيئية المختلفة كمراقبة النجوم والطيور والاستمتاع بالطبيعة والزهور وعلى الرغم من تحديد الممرات التي يستطيع ان يسلكها الزائر وعدم السماح للسيارات بدخول المخيم السياحي وبرغم تحديد اعداد الزوار المسموح لهم بالدخول للمخيم, كل ذلك من اجل تنظيم وحماية المحمية وتوفير وسائل ترفيهية تتوافق مع البيئة مثل انشاء مخيمات للزوار مع بيوت الضيافة في القرية العتيقة وقد تم تحديثها ناهيك عن انشاء اول فندق صديق للبيئة في الاردن معتمدا على المصادر الطبيعية بتوليد الطاقة مثل استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتسخين المياه حيث صنف من افضل خمسين فندقا بيئي على مستوى العالم, الا ان هناك اخطار تهدد المحمية اذكر منها على سيبل المثال لا الحصرالرعي الجائرحيث كان يعيش في المحمية اكثر من(900) رأس من الغنم يعتاش عليها مايقارب (500) مواطن لذلك كان لابد من معالجة هذه المشكلة بتنظيم وتحديد مناطق المسموح فيها للرعي وبفترة محددة من العام والصيد خاصة صيد بعض الحيوانات المهددة بالانقراض متل البدن وطائر الشنار.