عيش الاديان .. الاردن نموذجا
الاب محمد جورج شرايحه
08-01-2014 12:46 PM
يشكل الفكر الديني مجموعة المبادئ الالهية والسنن المقدسة وهو ذلك الدستور الناظم للحياة التقوية والممارسات الدينية لاي دين كان. ويعتبر هذا الفكر في اغلب الاحيان مطلقا نظرا لمرجعيته الالهية لذلك كان من الصعب دوما انتقاده او تعديل منهجيته.
ويعّبر هذا الفكر عن اعمق من مفهومة اللغوي او حتى الاصطلاحي للولوج الى اعماق النفس البشرية في نظرتها الميتافيزيقية نحو الله والكون والازمنة الاخيرة، لذا اعتقد ان موضع العبادة بشكل عام وفي اي دين كان انما هو شخصي وسري اكثر من انه عام و علني فطبيعة علاقة الانسان بربه تبقى علاقة شخصية ولا احد يستطيع ان يدين انسان اخر بعدم تقويته اويزكيه بقربه من الله فصاحب الحق بالعبادة المكتسبة باحقية الخلق هو وحده الذي يحق له تصنيف البشر كل بحسب ايمانه اولا واعماله ثانيا التي تأتي كنتيجة حتمية لتعبير عن ذلك الايمان الكامن في نفس كل مؤمن.
ويعد الاختلاف الديني في الاصل نوع من انواع الغنى المعرفي الذي ينشئ جيل مثقف قادر على الحوار الهادف البناء ولكن التشويش الثقافي الناتج عن صراع الحضارات ادخل مفاهيم مشوة عن المفهوم الحقيقي للعبادة بشكل خاص والتدين بشكل عام تلك المفاهيم التي استخدمة في اغلب الاحيان من قبل رجال السياسة الذين يتاجرون في الدين في اسواق المنفعة الحدية لاقتصادهم الهش الذي لابد ان يتلاشى فيتركون رجال دينهم المزيفين اصلا بعد ان قدموا لهم الذرائع المناسبة لاعماله الفاشلة.
ومن الادلة الصارخة على ان التنوع الديني في البلد الواحد يثري الشعوب المتعايشة ما يمثله الانموذج الاردني في العيش المشترك منذ ردح من الزمان والى اليوم وكيف استطاع هذا الشعب التمازج الثقافي والتلاقح المعرفي سعيا لتعرف على الاخر المختلف، ويبقى هذا المشروع مستمر طالما احسن رجال الدين ان يكون اولا رجال لله ثم رجال دين ودولة يقضون للناس في شرع الله فاهمين دور السياسة في التعاطي بشؤون الدين، فلا يستطيع رجل الدين ان يعيش منعزل عن قضايا وطنه و امته وهموم مجتمعه بدعو التفرغ للعبادة.
ومن ما تقدم فلا يحق لاي انسان كائن من كان ان يسيء لاي دين او لرموزه الدينية بحجة التعبير عن الراي او ممارسة الحرية الصحفية او الفنية او اي نوع من انواع الحرية المزعومة،فهناك يدي خفيه تخرج كل فترة لتلطخ الصور الدينية الناصعة في بحث محموم عن الشهرة ولفت الانظار كابوس مزعج نفيق كل يوم على خيالته فلا هو يستطيع تشويه الناصع ولا الناصع يستطيع طرده نهائيا ومسلسل الاساءة مستمر واعتقد ان هذا النهم المزمن في محاولة تشوية الدين ورموزه يعود في اصله لرغبة دفينة في نفسية كل ملحد للاساءة لكونه لم يستطيع الانخراط في هذا الفكر او حتى للتميز الخارق لمنهج الفكر الديني وقربه من تعاطف البشر الوجودي مع النظرة الدينية، بالاضافة للمحاولات الصهيونية العالمية المستمرة في تشويه الرموز الدينية الاسلامية والمسيحية والحفاظ على الصورة اليهودية القديمة باعتبار ان الله لليهود فقط وان اليهود هم شعب الله المختار.