الوطني والانساني في جواز السفر
عمر كلاب
07-01-2014 02:48 AM
باستثناء تونس ولحقتها مصر مؤخرا , لم تمنح دولة عربية المرأة حق تجنيس ابنائها , ولم نسمع بهذا المطلب في الاردن , قبل معاهدة السلام مع اسرائيل ولم تطرح الاحزاب القومية واليسارية والاسلامية يوما هذا المطلب لا في الاحكام العرفية ولا قبلها ولا بعدها , بمعنى ان هذا المطلب جاء في زمن تعنت اسرائيل وتدهور عملية السلام وبداية الحديث عن التوطين السياسي .
بمعنى ان توقيت طرح هذا الملف بهذه الحرارة والحماسة يستدعي التوقف والمناقشة دون اي ظلال او اتهامات , فحسن النية متوفر عند كثيرين وكثيرات ولكنهم يغفلون عن قراءة المقاصد والاهداف لتوقيت الطرح ومشروعية القرار , وقبل ذلك علينا ان نتذكر ان سبب منح الاجنبيات الجنسية لابنائهن كان اصله وجود ابناء لاباء مجهولين بسبب انفتاح الحياة الجسدية هناك وتطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتطور الامر الى منح المولود على ارض الدول الاجنبية جنسية البلد لاسباب مجتمعية وسكانية .
ايضا طوال عُمر الدولة الاردنية وهي تمنح جوازات سفر لاسباب انسانية ولم نسمع اعتراضات من اي حزب او طرف سياسي او اجتماعي , وكانت هناك جوازات لغايات سياسية واجتماعية فالوفد الذي كان يرافق الحاج رشاد الشوا رحمه الله في زيارته للاردن من قطاع غزة كان يحصل على جواز السفر الاردني ولم يكن حينها رقم وطني يميز بين الجنسية والجواز بل كان التمييز في مدة صلاحية الجواز “ سنتين وخمسة “ .7
الآن تعيش الحالة البرلمانية والحالة السياسية حالة احتقان غريب وهي تُناقش قانون الجوازات الجديد , دون اطلالة على التاريخ السياسي حيال هذا الملف , ودون قراءة طبيعة الدولة الانساني وشكل نظامها السياسي المبني على التسامح حيال الوافدين واللاجئين والذين ارتفع تعدادهم الى مليونين مؤخرا مما يثيرحفيظة الاردنيين جميعا ويثير قلقهم على بنيتهم التحتية ومواردهم الشحيحة في ظل ادارة ظهر عالمية لدعم اللاجئين والخشية من تحولهم الى دائمين .
النقاش يجب ان ينصب على فصل الوطني عن الانساني بشكل جلي وواضح , بحيث لا يتم استثمار الحالة الانسانية لغير مقاصدها وبشكل لا يُثير قلق الاردنيين وسط اقليم مرتعش ومشتعل , ومما يزيد القلق الشعبي ان الحالة الاقتصادية قد تسمح بحدوث مثل هذه التخوفات , وكل ذلك مسنود بانحسار الثقة في الرواية الرسمية على كل المستويات مما يؤهل فرق اشعال الحرائق العمل براحة .
هناك الام واوجاع صادقة للاردنيات وابنائهن وهناك اوجاع صادقة لابناء قطاع غزة في الاردن وكلها تصطدم بحالة التباس سياسي بحيث تزداد وتيرة التشنج المجتمعي دون توضيح بأن الرافض لهذا القرار ليس متقصدا اوجاعهم بل يريد صيانة الحالة الوطنية ويمنع استهداف الهوية الاردنية او دخولها في صدام مع الهوية الفلسطينية حصرا وباقي الهويات القطرية لبلدان تُعاني من ويلات ولا يمكن اغفال او تجاوز الواجب القومي , ولكن ليس على حساب الهوية الوطنية الاردنية , والداعم للقرار يُغفل تشابكات الاقليم ويتحدث وكأن الاقليم يعيش على السمن والعسل ويغفل الاطماع الصهيونية في التهجير ويغفل اطماع الغرب الانجلو امريكي في حرق الاقليم لراحة اسرائيل .
منذ سنوات والحل بين ظهرانينا وفي متناول ايدينا ونصدّ عنه ونرفض التعامل معه ,فالهوية الوطنية ليست حالة انسانية ولا تخضع لاشتراطاتها وبالتالي فإن منح ابناء الاردنيات وكذلك ابناء قطاع غزة حقوقا مدنية كاملة كفيل بإراحة المجتمع وتسهيل معيشة الابناء والاباء والامهات والجيران , وتُقفل ساحة الاطماع والاحلام والاوهام عند الجميع بصرف النظر عن مقاصدهم وسوء او حُسن نيّاتهم .
(الغد)