من أين سيأتي التفاؤل والعام الجديد،يفيض بقرارات اقتصادية صعبة جداً،ستؤدي الى تراجع حياة الناس،فوق التراجعات التي رأيناها خلال السنين الفائتة،في ظل سياسات اقتصادية ستؤدي الى ما لا يحمد عقباه؟!.
بدأ العام الجديد برفع اسعار وقود السيارات والسولار والكاز،ولاحقا تم رفع اسعار الكهرباء على المنازل،والقطاعين التجاري والصناعي،وبين ايدينا قانون جديد لضريبة الدخل سيؤدي الى شمول فئات جديدة،بعد تقليص الاعفاءات.
لم يبق بين يدي الناس مال من اجل تقديمه للخزينة،والقصة التي تقول ان هذه القرارات لاتؤثر على اغلبية الاردنيين غير مقنعة،لان اي قرار اقتصادي سيؤدي الى نتائج على الجميع،فلا احد سينجو من هكذا اوضاع.
الرفع الشهري للوقود ومشتقاته قد نتفهمه جزئيا،ومقابله يأتي قرار رفع الكهرباء،وهو قرار بات سنوياً،وسيتواصل بذات الطريقة حتى عام 2017،وحين يتم رفع اسعار الكهرباء على القطاعين الصناعي والتجاري،فهذا سيؤدي الى اغلاق منشآت جراء العجز المالي،وسيؤدي الى رفع اسعار المنتجات والسلع،وسيؤدي الى اغلاق الاف بيوت العاملين في هذه القطاعات،جراء حالها واحوالها.
قانون ضريبة الدخل بالمقابل وفي احد بنوده يعود ويقلص الاعفاءات،ويفرض الضريبة على كل من دخله فوق ثمانية عشر الف دينار سنويا،وسيقال للناس ان اغلبهم لن يتأثروا لان دخولهم اقل من هذا الرقم،ولا احد يعترف ان مشغلي الناس من الطبقة الوسطى،سيضطرون الى رفع اسعار منتجاتهم في النهاية بحيث سيدفعها المواطن العادي تعويضا عن فروقات الضريبة؟!.
فوق ذلك فإن المهندس او الطبيب او المحامي وغيرهم من فئات مهنية لديها مشاريع صغيرة،سيتخذون اجراءات لخفض نفقاتهم المالية،امام المستجدات على مستوى الضريبة ورفع الكهرباء.
هذا يعني ان من يعمل في مكتبه ثلاثة موظفين،سيضطر الى انهاء خدمات احدهم،لتوفير راتبه،وهذا يعني اغلاق بيت،بدلا من فتح بيوت جديدة،وتشغيل الناس،وسيؤدي بهم الى رفع اسعار منتجاتهم وخدماتهم،وبالتالي فإن الفرق سيدفعه المواطن في النهاية.
هذا يعني ان السياسات الاقتصادية وصلت مرحلة سيئة،تجمع فيها فعليا،رواتب واجور العاملين في كل القطاع الخاص،وتأخذها للخزينة لسداد ديونها،وهذه سياسات ستؤدي الى رفع البطالة بشكل غير مسبوق،فوق اغلاق المنشآت،وارتفاع الاسعار بشكل عام.
تأثيرات قانون ضريبة الدخل الجديد على الشركات،سيكون سلبياً،لان اي شركة تريد ان تربح،واذا ربحت ستزيد من فرص العمل،وحين تتراجع اقتصاديا،فسوف تسعى الى حلول معروفة،اقلها وقف التوظيف،وانهاء خدمات عاملين للتخفيف من النفقات،فوق رفع اسعار منتجاتها،وهذا سيرتد على المواطن العادي الذي سيقف عاجزاً مذهولا امام هذا المشهد.
لا احد يقف فوق هذا عند التداعيات الاجتماعية من جريمة وعنف وفساد اخلاقي،وانهيار لمؤسسة الزواج والعائلة،ولا احد يقف ايضا عند التداعيات السياسية،في بلد مستقر،غير ان سياسات مطبخه الاقتصادي عاجزة عن ايجاد اي حل لمشاكله سوى جيب المواطن.
لا احد يشرح لك كيف ان مستوى الحياة في الاردن بات يتساوى من حيث الغلاء مع عواصم عالمية في اجمالي الانفاق،هذا مع كون الحياة اصلا في كل الشرق الاوسط متدنية المعايير والجودة على كل المستويات،غلاء فاحش دون مقابل؟!.
كيلو اللحم البلدي في عمان من عشرة الى اثني عشر دينارا،وكيلو اللحم البلدي الذي لم يتغذ على اكياس البلاستيك السوداء والاعلاف المغشوشة في بريطانيا لايتجاوز الستة دنانير.
الايجار المرتفع في بريطانيا،مقابل شبكة مواصلات محترمة ورخيصة،وندفع في الاجمالي مثله في اسعار الوقود،مع ارتفاع الايجارات بعد موجات اللجوء الاخيرة، فلا تقولوا لنا لا تصح المقارنة،هذا مع حفظ الفروقات بين الحياة في بلد عربي،وبلد غربي!.
لا يريد المرء نثر الملح فوق الجراح،لكننا نشعر بأسف بالغ ازاء هذه السياسات المتتالية،التي بات عنوانها ان اسطوانة الغاز مدعومة،وكأن الاردنيين لايضيرهم فقط سوى سعر الاسطوانة المقدسة،بل لعلكم ترفعون سعرها وتريحوننا من هذه القصة!.
هذا تحذير دون تحريض،للتوقف عن هذه السياسات الصعبة،والبحث عن حلول،واطفاء هذه النيران،وكنا ندعو دوما الدولة الى التخفيف عن الناس،بتوزيع ارض الدولة عليهم للسكن والزراعة،بالاضافة الى مقترحات اخرى،
فلا احد يسمع،ولا احد يرد.
ركون المسؤولين الى كون الاردنيين يخافون على بلدهم،ولا يريدون التفريط بأمنه واستقراره،ركون مفرط،اذ يتم الاتكاء عليه،من اجل مزيد من القرارات الصعبة،وبدلا من تقدير تفهم الناس لحساسية وضع بلدهم،تتم الاستزادة من هكذا قرارات.
تحذير دون تحريض لان المرء لا يريد للغضب ان ينفلت من الصدور.