شرق أوسطي جديد *محمد قبيلات
04-01-2014 01:47 PM
سبق لهذا العالم المتحضر أن غض الطرف عن فرانكو بحجة مواجهة هتلر ثم في سبيل مكافحة الشيوعية، لتبقى اسبانيا رهينة الحرب الأهلية لعشرات السنين.
وكذلك فعل مع نظام الابهارتيد العنصري، كما أنه فعل ويفعل ذات الشيء مع اسرائيل فلقد تركها تحتل فلسطين وتقتل وتشرد أهلها. اذاً، ليس من الجديد أن ينظر هذا المتحضر بعين الرضا الى ما يجري في منطقتنا!!
لأن الحقيقة الدامغة تتبدى في كون منطلقاته كولينيالية وهي أبعد ما تكون عن الشعارات المتحضرة البراقة التي طالما رفعها الفاتحون، فكل ما يهمه الآن هو النفط وسلامة طرق وصوله الى مخازنه.
وحتى مع وصول الرئيس الأسود المثقف المدرس الجامعي أوباما، لم يتغير الكثير، رغم ما أكتوى به هو شخصيا من اهانات التفرقة العنصرية والنظرة الفوقية، وليست ببعيدة عن الواقع تلك النصائح التي أطلقها القذافي له قبل أعوام قليلة، إثر تصريحات الأول الداعمة لاسرائيل، فقال له ناصحاً -ما معناه- "لا تبقى أسير عقدة أنك أسود وتحاول المرة تلو الأخرى ان تثبت لهم انك صرت عضوا كامل الأهلية"، وهذا صحيح وينطبق كثيرا على تصرفات اوباما.
مناسبة هذا الحديث هو ما يجري الآن في ليبيا ومصر وسوريا والعراق، فلقد لعب اوباما وفريقه لعبة الثلاث ورقات في سبيل اطالة عمر الأنظمة الحاكمة في هذه الدول، خوفا من أن يشكل الربيع العربي بداية جديدة لمسار نحو ديمقراطية وطنية تدافع عن مصالح وكرامة شعوبها.
فالموقف المضمر ضد حرية الشعوب ثابت لا يتغير، رغم شعارات الحرية الامريكية، وأكثر ما ظهر هذا الموقف وتجلى، في ثورة تونس وثورة مصر، فلقد تدرج الموقف من داعم للنظام القديم الى مؤيد للثورة الى مخرب لها.
في مصر وتونس كان الموقف واضحا ومكشوفا لان الامور تمت بسرعة ولم تترك مجالا للتمويه.. أما في ليبيا وسوريا من جهة ومن جهة اخرى اليمن والعراق الى حد ما، فحدث ولا حرج.
اصبح كل ما يهم امريكا الآن هو اسلحة ايران النووية وكيماوي سوريا، وانهاك القاعدة... أما الشعوب والحرية والديمقراطية فكلها كلاشيهات لم يحب السيد المتفضل الغربي ان تصدقها الشعوب المقهورة وأن تأخذها على هذه الدرجة من الجدية، فعاد ليكشف عن المتأصل فيه من البشاعة وسوء الطبع الذي لم يخفه التطبع.ِ
وكما لا يضيره أن يفوضَ خصمه الايراني بأمر الشعب العراقي لا يضيره الآن ان يفوض بوتين الطامح بالندية بأمر الشعب السوري .. مهما راح من ضحايا، فالثابت الوحيد عنده، هي حاجاته ومصالحه، بعيدا عن أية مثاليات.
لكنها لعبة خطرة ستُخسر كل الأطراف.. والسيد المتحضر سيكون فيها هو الخاسر الأكبر .